والرواية تناسب الاُسلوب الذي ابتدعه معاوية في التغطية على فضائل أمير المؤمنين عليه السلام المتواترة والمتّفق عليها ، بنسبتها إلى غيره ، إنكاراً لتفرّده بها.
وقد كتب معاوية ذلك في كتابٍ عمّمه إلى جميع الآفاق ، جاء فيه : (إذا جاءكم كتابي هذا ، فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين ، ولا تتركوا خبراً يرويه أحدٌ من المسلمين في أبي تراب ؛ إلّا وتأتوني بمناقضٍ له في الصحابة ، فإنّ هذا أحبّ إليّ ، وأقرّ لعيني ، وأدحض لحجّة أبي تراب وشيعته).
قال الراوي : فرويت أخبارٌ كثيرة في مناقب الصحابة مفتَعلة ، لا حقيقةَ لها ، فظهر حديثٌ كثيرٌ موضوعٌ ، وبهتان منتشر (١).
ولكن ما زاد ذلك أمير المؤمنين عليه السلام إلّا رفعة وسموّاً (وكان كالمسك كلّما ستر انتشر عرفه ، وكلّما كتم تضوّع نشره ، وكالشمس لا تستر بالراح ، وكضوء النهار إن حُجبت عنه عينٌ واحدة أدركته عيون كثيرة) (٢).
وعلى تقدير صحّة الرواية بولادة حكيم بن حزام في الكعبة المشرّفة.
فقد يكون ذلك لمحض المصادفة والاتفاق.
وقد صرّح بذلك عبد الرحمن الصفوري الشافعي (ت ٨٩٤ هـ) في (نزهة المجالس) (٣) حيث قال : وأمّا حكيم بن حزام فولدته اُمّه في الكعبة اتّفاقاً لا قصداً (٤).
__________________
(١) سشرح نهج البلاغة (لابن أبي الحديد) ١١ : ٤٦.
س (٢) شرح نهج البلاغة (لابن أبي الحديد) ١ : ١٧.
(٣) نزهة المجالس ٢ : ٢٠٤ ، القاهرة.
(٤) عليّ وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ٤٠.