والفيوضات ، وحمد
الله لا يُدرك أبداً ، لأنّ الناقص لا يدرك كمالات المطلق ، وقد ورد في الآثار
المعتبرة عن النبيّ صلى الله عليه وآله قوله : لا أُحصي ثناءً عليك ، أنت كما
أثنيتَ على نفسك .
ويصوّر لنا الإمام عليّ بن الحسين
عليهما السلام في مناجاة الشاكرين من الصحيفة السجّادية التي هي زبور آل محمّد
بحقّ وجدارة ، أنّ إدراك شكره وحمده سبحانه ممّا لا يُدرك ، لأنّ ذلك ممّا سوف
يوقعنا في التسلسل الذي لا ينتهي إلى حدٍ أو نقطةٍ ما ....
قال عليه السلام : فآلاؤك جَمَّةق
ضَعُفَ لساني عن إحصائها ، ونَعماؤك كثيرة قَصُر فَهْمي عن إدراكها ، فضلاً عنِ
استقصائها ، فكيف لي بتحصيل الشكر وشكري إيّاك يفتقر إلى شكر ، فكلّما قلت لك
الحمد ، وجب عَلَيّ لذلك أن أقول لك الحمد .
القارئ العزيز يتنفّس أريج التواضع ، ويشمّ
رائحة الانكسار والتذلّل أمام عظمة الله سبحانه حين التوجّه إليه بالدعاء. ونكاد
نرى أنّه عليه السلام يذوب في الله حبّاً وشوقاً ، ورغبةً ورهبة ، فنقف والحيرة
تضرب علينا بجرانها أمام خشوعه عليه السلام وورعه ، وصفاء فطرته ، ومتانة عقله.
فإنّ التواضع أمام الله سبحانه يكاد يُميّز هذا الدعاء عن غيره بهذه السمة.
في التواضع
التواضع هو التذلل والتخشّع ، فنقول : فلان
تواضع ، أي تذلّل وتَخشّع ، والخشوع هذا من مظاهر الذلّة في النفس والحطّ من قدره
، وهو ليس في الواقع وضيعاً ولا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ