ونعود لنسلّط الأضواء على الهداية
التشريعيّة وأهمّيتها فنقول : لمّا كان الإنسان مدنيّاً بالطبع ، وكان ذا نزعات
مختلفة ومقاصد شتّى ، كان الكائنَ الوحيد الذي يحتاج إلى أنظمة وقوانين تنظّم شؤون
الفرد والأسرة والمجتمع.
ومن هنا يأتي الاعتقاد بوجوب الهداية
التشريعيّة الخاصّة ، وذلك ممّا أوجبه الله على نفسه من باب رحمته وحكمته. والدين
عبارة عن عقيدة ، وهي النظرة في الكون والحياة ، ومن هذه العقيدة ينبثق النظام
والمناهج الحياتيّة التي تكفل للإنسان حقوقه الاعتباريّة والمادّية ، وتبيّن
واجباته تجاه نفسه وغيره من أجل إرساء قواعد العدل والمساواة والحريّة والأخلاق
الحميدة.
إنّ العقائد الحقّة هي التي تدعو
الإنسان وتشدّه إلى رعاية القانون وتطبيقه استشعاراً بالرقابة الغيبيّة ، واحتراماً
للمقدّسات ، وبدونها تتفكّك أواصر الوحدة ، وتنهدم قواعد النظام ، وتعمّ الفوضى
وتتحكّم الأهواء بمسيرة الإنسان.
أمّا السعادة الإنسانية فإنّها تقاس
بمقدار صلاح الإنسان الفرد ، والإنسان المجتمع ، وبمقدار صلاحيّة القانون. ولمّا
كان التشريع الإسلاميّ لا ينفكّ عن هيئة الوجود التكوينيّ المرتبط بالله حدوثاً
وبقاءً ، فإنّ التشريعات الإلهيّة تحمل جانب الكمال التي تقود الإنسان إلى رُقيّة
وسعادته.
والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله
على محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.