فيها ربّه. ثمّ يُفتَح له خزانة أخرى فيراها فارغة ليس فيها ما يسرّه ولا ما يَسرّه ، وهي الساعة التي نام فيها أو اشتغل فيها بشيء من مباحات الدنيا ، فيناله من الغَبْن والأسف على فواتها ، حيث كان متمكّناً من أن يكون يملأها حسنات ما لا يوصف ، ومن هذا قوله تعالى : (ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ) (١).
وفي هذا ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله : إنّ امرءاً أتت عليه ساعةٌ من عمره لم يذكر فيها ربَّه ، ويستغفر مِن ذنبه ، ويفكّر في معاده ، لَجديرُ أن يطول حزنُه ويتضاعَفَ أسَفُه! (٢)
قال رسول الله صلى الله عليه وآله لابن مسعود : أكثِرْ من الصالحات والبِرّ ، فإنّ المحسن والمسيء يندمان : يقول المحسن : يا ليتَني ازددتُ من الحسنات! ويقول المسيء : قصّرتُ! وتصديق ذلك قوله تعالى : (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) (٣) ، (٤).
وفي الحديث الشريف قال النبيّ صلى الله عليه وآله : لا تزول قَدَمُ عبدٍ يوم القيامة حتّى يُسأل عن أربع : عن جسده في ما أبلاه ، وعن عمره في ما أفناه ، وعن ماله مِمَّا اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن حبّنا أهلَ البيت (٥).
وعن البَراء بن عازب قال : كان مُعاذ بن جبل جالساً قريباً من رسول الله صلى الله عليه وآله في منزل أبي أيّوب الأنصاريّ ، فقال معاذ : يا رسول الله ، أرأيت قول الله تعالى : (يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا) (٦)؟ فقال صلى الله عليه وآله : يا معاذ ، سألتَ عن عظيم من الأمر. ثمّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ عدّة الداعي : ١٠٣ ، بحار الأنوار ٧ : ٢٦٢ / ح ١٥ ، والآية في سورة التغابن : ٩.
٢ ـ شرح نهج البلاغة ٢ : ١٠٢.
٣ ـ القيامة : ٢.
٤ ـ بحار الأنوار ٧ : ١٠٦ / ح ١ ـ عن مكارم الأخلاق : ٤٥٤.
٥ ـ الأمالي للطوسيّ : ٥٩٣ / ح ١٢٢٧.
٦ ـ النبأ : ١٨.