وقد ذكر بعض العلماء آراء عديدة بخصوص
هذه الآية المباركة ، إذ كيف يؤاخَذُ الأولاد بذنوب الآباء من دون جرم فعلوه ، وهل
هذا يتنافى مع قاعدة العدل؟
نذكر بعض الآراء :
١ ـ المراد بذلك مؤاخذة الأولاد الراضين
بفعل آبائهم من المظالم ، وما وصل إليهم من أملاك ومواريث وامتيازات بسبب ذلك
الظلم ، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله : العامل بالظلم ، والمعين له
، والراضي به ، شركاءُ ثلاثتُهم .
وورد في زيارة الإمام الحسين المرويّة
بسند صحيح عن الإمام الصادق عليه السلام : فلعَنَ اللهُ أُمّةً قَتَلَتْك ، ولَعَن
اللهُ أُمّةً ظلَمَتْك ، ولَعَنَ اللهُ أُمّةً سَمِعَت بِذلك فَرَضِيَتْ بِه
، وورد كذلك : لو أنّ رجلاً قُتلَ في المشرق فَرَضي بقتله رجل في المغرب ، لكان
الراضي عند الله عزّ وجلّ شريكَ القاتل .
٢ ـ وقال صاحب «جامع السعادات» ما نصّه
: إنّ الدنيار دار مكافأة وانتقام ، وإن كان بعض ذلك ممّا يُؤخَّر إلى الآخرة ، وفائدة
ذلك : أمّا بالنسبة إلى الظالم فإنّه يردعه عن الظلم إذا سمع ، وأمّا بالنسبة إلى
المظلوم فإنّه يستبشر بنيل الانتقام في الدنيا مع نيله ثواب الظلم الواقع عليه في
الآخرة ، فإنّه ما ظفر أحد بخير ممّا ظفر به المظلوم ، لأنه يأخذ من دِين الظالم
أكثر ممّا أخذ الظالم من ماله. وهذا ممّا يصحح الانتقام مِن عقب الذريّة أو عقب
عقبه ، فإنّه وإن كان في صورة الظلم لأنّه انتقام من غير أهله ، مع أنّه لا تَزِرُ
وازرة وزر أخرى ، إلّا أنّه نعمة مَنَّ الله عليه في المعنى من جهة ثوابه في
الدارين ، فإنّ ثواب المظلوم في الآخرة أكثر ممّا جرى عليه في الدنيا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ