والدعاء يشير بوضوح إلى أنّ الله سبحانه لا يحتجب عن خلقه ، بل بابه مفتوح من دون حاجب ولا وزير ، لكنّ الحاجب ذاتيّ ، قوامه الأعمال التي تصدر من الإنسان من ذنوب ومعاصٍ ، وصفات ذميمة ، فإنّ لهذه الأعمال آثاراً وضعيّة على مسيرة الإنسان وحياته ، بل لها آثار على أجزاء الكون ومفاصل الحياة ، واحتجاب الخالق عن بعض خلقه احتجاب مجازاةٍ شأنَه شأن المكر والخداع والطبع على القلوب ، والمراد من ذلك الحجب سلب التوفيق ومنع الكمالات والفيوضات بسبب الذنوب.
إنّ الإنسان إذا اقترف الذنوب ومارس المعاصي انعكس ذلك على نفسه ، فيسلبها الإشراقَ والصفاء والانفتاح على عالم القداسة ، وهذا يقودها شيئاً فشيئاً إلى عالم من الظلمات والكدورات والصفات الرذيلة ، ويطبعها على الأخلاق المذمومة ، فقد ورد في الآثار المعتبرة عن آل البيت الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام الكثير من الأحاديث الشريفة في ذلك.
عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : ما من عبدٍ إلّا وفي قلبه نكتةٌ بيضاء ، فإذا أذنب ذنباً خرج في النكتة نكتةٌ سوداء ، فإن تاب ذهب السواد ، وإنْ تَمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتّى يُغطّيَ البياض ، فإذا غُطّيَ البياض لم يَرجِع صاحبه إلى خيرٍ أبداً ، وهو قول الله عزّ وجلّ : (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (١).
وعن الإمام الصادق عليه السلام ورد قوله : كان أبي عليه السلام يقول : ما من شيء أفسدَ للقلب من خطيئة ، إنّ القلب لَيُواقع الخطيئة ، فما تزال به حتّى تَغلِب عليه ، فيُصَيَّر أعلاه أسفلَه (٢).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الكافي ٢ : ٢٧٣ / ح ٢٠ ، والآية في سورة المطفّفين : ١٤.
٢ ـ الكافي ٢ : ٢٦٨ / ح ١.