(وَكَم مِّن مَّلَكٍ
فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن
يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ) .
ولابدّ لنا من وقفة عند مصطلحَينِ
لتيسير مبحث الشفاعة :
١. الشفاعة التكوينيّة : والمراد بها
توسّط العلل والأسباب والقوانين بين الله سبحانه وبين المسبَّبات في قضايا تدبير
الأمور الحياتيّة ، وتنظيم أمر الوجود والبقاء. وإنّ هذه الأسباب والعلل
والمؤثّرات تنتهي إليه سبحانه من حيث كونه المالك والموجد لكلّ مخلوق ، وهذه
الأسباب لها دور الوساطة في نشر أسباب الرحمة ونزول النعم إلى الخلائق ، فنزول
المطر ، وخروج الزرع من التراب ، وخلق الإنسان والحيوان وغيرها ، كلّ هذا يجري وفق
السنن والأسباب والقوانين التي لها دور الشفاعة بين الله ومخلوقاته.
قال تعالى : (وَهُوَ
الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّىٰ
إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ
الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ)
، وقال سبحانه : (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا
دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ
تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ)
.
وقال عزّ شأنه : (هُوَ
الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ
فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ
وَالْأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً
لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ
لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا
أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ