فأما المذهب الأول فإنا نقول : لعمرى إنه قد (١) يظهر من قد المشف وخلطه بالهواء لون أبيض ، ولكن إنما يكون ذلك لا فى جسم متصل ومجتمع ، بل إنما يظهر ذلك اللون فى الركام منه ، وأنه إذا جمع وبل زال عنه البياض عند الاجتماع والجفوف. وليس الجص على ما اظنه ويوجبه غالب ظنى أن ما (٢) يبيض بياضه لذلك فقط ، بل لأن انطبخ يجعله بحيث إذا بل ثم جف ابيض بياضا شديدا بمزاج (٣) يحدث فيه. والدليل على ذلك أنه لو كان فعل النار فى الجص ليس إلا تسهيل التفريق ، وأن (٤) تسهيل التفريق (٥) قد يوصل إلى الهيئة التي ذكر أنها سبب لكون البياض ، لكان السحق الكثير المؤدى إلى غاية تصغير الأجزاء يفعل ذلك الفعل فى الجص وفى النورة وفى غيره ، ولكان المهيئ بالسحق والتصويل إذا اجتمع بالماء فعل فعل الجص من البياض ، (٦) وليس كذلك.
ثم لنفرض أن الجص يتكون (٧) فيه ذلك البياض على الصورة المذكورة ، فليس كل بياض يحدث على هذه الصفة ، فإن البيض إذا سلق يصير بياضه الشفاف أبيض وليس يمكن أن يقال إن النار زادته تخلخلا وتفرقا (٨) فإنها (٩) قد زادته (١٠) (١١) تكاثفا على حال ، ولا أنه قد حدثت فيه هوائية وخالطته. فأول (١٢) ذلك أن بياض البيض يصير عند الطبخ أثقل وذلك لما (١٣) يفارقه من الهوائية. وثانيا أنه لو كانت هوائية داخلت رطوبته فبيضته لكانت خثورة لا انعقادا ، وقد علمت هذا قبل. وأيضا فإن الدواء الذي يتخذه أهل الحيلة ويسمونه لبن العذراء يكون من خل طبخ فيه المرداسنج حتى انحل فيه ، ثم صفى حتى بقى الخل فى غاية الإشفاف والبياض ، وخلط بماء طبخ فيه القلى ، وصفى غاية التصفية حتى صار كأنه دمعة. فإنه إن قصر فى هذا لم يلتئم منهما المزاج الذي يطلبونه. فكما (١٤) يخلط هذان الماءان ينعقد فيه المنحل الشفاف من المرتك أبيض فى غاية البياض كاللبن الرائب ، ثم يجف ، فليس ذلك لأن هناك شفافا
__________________
(١) قد : ساقطة من م.
(٢) أن ما : إنما م.
(٣) شديدا بمزاج : شديد المزج م.
(٤) وأن : فإن ف
(٥) وأن تسهيل التفريق : ساقطة من د ، م.
(٦) البياض : ساقطة من م.
(٧) يتكون : متكون ف.
(٨) وتفرقا : وتفريقا ف
(٩) فإنها : فإنه د ، ك ، م
(١٠) زادته (الثانية) : زاده د ؛ زاد م
(١١) تكاثفا : تكاثف م.
(١٢) فأول : وأول د.
(١٣) لما : بما ك.
(١٤) فكما : وكما م.