فيقال (١) رائحة حلوة ورائحة حامضة ، كأن الروائح التي اعتيد مقارنتها لطعوم ما تنسب إليها وتعرف بها. ويشبه أن يكون حال إدراك الروائح من الناس كحال إدراك أشباح الأشياء وألوانها من الحيوانات الصلبة العين ، فإنها تكاد أن تكون إنما تدركها كالتخيل غير (٢) المحقق وكما يدرك ضعيف البصر شبحا من بعيد. وأما كثير من الحيوانات الصلبة العين فإنها قوية جدا فى إدراك الروائح مثل النمل ، (٣) ويشبه أن لا تحتاج أمثالها إلى التشمم والتنشق ، بل تتأدى إليها الروائح فى الهواء.
وواسطة الشم أيضا (٤) جسم لا رائحة له كالهواء والماء (٥) يحمل رائحة المشمومات. وقد (٦) اختلف الناس فى الرائحة ، فمنهم من زعم أنها تتأدى بمخالطة (٧) شىء من جرم ذى الرائحة متحلل (٨) متبخر (٩) فتخالط المتوسط. ومنهم من زعم أنها تتأدى باستحالة من المتوسط من غير أن يخالطه شىء من جرم ذى الرائحة متحلل عنه. ومنهم من قال إنها تتأدى من غير مخالطة شىء آخر من جرمه ومن غير استحالة من المتوسط. ومعنى هذا أن الجسم ذا الرائحة يفعل فى الجسم عديم (١٠) الرائحة وبينهما (١١) جسم لا رائحة له من غير أن يفعل فى المتوسط ، بل يكون المتوسط ممكّنا من فعل ذلك فى هذا ، على ما يقال فى تأدى الأصوات والألوان ، فحرى بنا أن نحقق هذا ونتأمله.
ولكن لكل واحد من المدعين بشيء (١٢) من هذه المذاهب حجة. فالقائل بالبخار والدخان يحتج ويقول : إنه لو لم تكن الرائحة (١٣) تسطع بسبب تحلل شىء ، ما كانت الحرارة (١٤) وما يهيج الحرارة من الدلك والتبخير وما يجرى مجرى ذلك مما يذكى الروائح (١٥) ولا كان البرد يخفيها. فبين أن الروائح إنما تصل إلى الشم (١٦) ببخار يتبخر
__________________
(١) فيقال ... يتبخر : ساقطة من د.
(٢) غير : الغير د ، ف ، م.
(٣) مثل النمل : كالنمل ف.
(٤) أيضا : أنها م
(٥) والماء : + هى التي ك
(٦) وقد : فقد ك.
(٧) بمخالطة ... تتأدى : ساقطة من م.
(٨) متحلل : يتحلل ف
(٩) متبخر : فيتبخر ف.
(١٠) عديم : العديم د ، م (١١) وبينهما : ومنها م.
(١٢) بشيء : لشىء م. (١٣) الرائحة : رائحة م.
(١٤) الحرارة (الأولى) : الرائحة م.
(١٥) الروائح : الرائحة ف
(١٦) الشم : الجسم م.