أن القوتين لشىء واحد ، فلهذا يصدق أن نقول : إنا لما أحسسنا اشتهينا ، أو لما (١) رأينا كذا غضبنا.
وهذا الشىء الواحد الذي تجتمع فيه هذه القوى هو الشىء الذي يراه كل منا (٢) ذاته ، حتى يصدق أن نقول لما أحسسنا اشتهينا. (٣) وهذا الشىء لا يجوز أن يكون (٤) جسما.
أما أولا ، فلأن الجسم بما هو جسم ليس يلزمه أن يكون مجمع هذه القوى ، وإلا كان كل جسم له ذلك ، بل لأمر به يصير (٥) كذلك ، ويكون ذلك الأمر هو الجامع الأول ، وهو كمال الجسم من حيث هو مجمع ، وهو غير الجسم ، فيكون إذن المجمع هو شىء غير جسم وهو النفس.
وأما ثانيا ، فقد تبين أن من هذه القوى ما ليس يجوز أن يكون جسمانيا مستقرا فى جسم ، فإن تشكك فقيل : إنه إن جاز أن تكون هذه القوى لشىء واحد ، مع أنها لا تجتمع معا فيه ، إذ بعضها لا يحل الأجسام وبعضها يحلها ، فتكون مع افتراقها من غير أن تكون بصفة واحدة منسوبة إلى شىء واحد ، فلم لا يكون كذلك (٦) الآن وتكون كلها منسوبة إلى جسم أو جسمانى. فنقول لأن هذا الذي ليس بجسم ، يجوز أن يكون منبع القوى فيفيض عنه (٧) بعضها فى الآلة ، وبعضها يختص بذاته ، (٨) وكلها يؤدى إليه نوعا من الأداء. واللواتى تكون فى الآلة تجتمع فى مبدأ يجمعها فى الآلة ذلك المبدأ ، وهو فائض عن الغنى عن الآلة كما نبين حاله بعد فى حل الشبه. (٩) وأما الجسم فلا يمكن أن تكون هذه القوى كلها فائضة منه ، فإن نسبة القوى إلى الجسم ليس على سبيل الفيضان ، (١٠) بل على سبيل القبول ، والفيضان يجوز أن يكون على سبيل مفارقة للفيض عن المفيض ، (١١) والقبول لا يجوز أن يكون على تلك السبيل.
__________________
(١) أو لما : ولما د ، ف.
(٢) منا : + أنه ك.
(٣) اشتهينا ... أحسسنا : ساقطة من م.
(٤) لا يجوز أن يكون : لا يكون م.
(٥) لأمر به يصير : الأمر يصير م.
(٦) كذلك : لذلك م.
(٧) عنه : عنها د ، ك ، م.
(٨) بذاته : بذاتها ك ، م.
(٩) الشبه : الشبهة ك.
(١٠) الفيضان : النقصان م.
(١١) للفيض : الفيض ك.