يشارك (١) الحيوان فى النفس التي لها فعل النمو والتغذية والتوليد. ويجب لا محالة أن ينفصل عنه بقوى نفسانية تخص جنسه ثم تخص أنواعه. والذي يمكننا أن نتكلم عليه من أمر نفس النبات هو ما يشارك فيه الحيوان. ولسنا نشعر كثير شعور بالفصول المنوعة لهذا المعنى الجنسى فى النبات ؛ وإذا كان الأمر كذلك لم تكن نسبة هذا القسم من النظر إلى أنه كلام فى النبات أولى منه إلى أنه كلام فى الحيوان ؛ إذ كانت نسبة الحيوان (٢) إلى هذه النفس نسبة النبات إليها.
وكذلك أيضا حال النفس الحيوانية بالقياس إلى الإنسان والحيوانات الأخر ، (٣) وإذ كنا إنما نريد أن نتكلم فى النفس النباتية والحيوانية من حيث هى مشتركة ، وكان لا علم بالمخصص إلا بعد العلم بالمشترك ، وكنا قليلى الاشتغال بالفصول الذاتية لنفس نفس ونبات نبات ولحيوان حيوان ، لتعذر ذلك علينا. فكان الأولى أن نتكلم فى النفس فى كتاب واحد ، ثم إن أمكننا أن نتكلم فى النبات والحيوان كلاما مخصصا فعلنا. وأكثر ما يمكننا من ذلك يكون متعلقا بأبدانها وبخواص من أفعالها البدنية ، فلأن نقدم تعرف أمر النفس ونؤخر تعرف أمر البدن أهدى سبيلا فى التعليم من أن نقدم تعرف أمر البدن ونؤخر تعرف أمر النفس.
فإن معونة معرفة أمر النفس فى معرفة (٤) الأحوال البدنية أكثر من معونة معرفة البدن فى معرفة الأحوال النفسانية. على أن كل واحد منهما معين (٥) على الآخر ، وليس أحد الطرفين بضرورى التقديم ، إلا أنا آثرنا أن نقدم الكلام فى النفس لما أعليناه (٦) من العذر ، فمن شاء أن يغير هذا الترتيب فعل بلا مناقشة لنا معه.
فهذا هو الفن السادس ، ثم نتلوه فى الفن السابع بالنظر فى أحوال النبات ، وفى الفن الثامن بالنظر فى أحوال الحيوان. (٧) وهناك نختم العلم الطبيعى ، ونتلوه بالعلوم الرياضية فى فنون أربعة ، ثم نتلو ذلك كله بالعلم الإلهى ، ونردفه شيئا من علم الأخلاق ، ونختم كتابنا هذا به.
__________________
(١) يشارك ... به : ساقطة من د ، م.
(٢) الحيوان : الحيوانات ك.
(٣) الأخر : الأخرى ك.
(٤) معرفة (الثانية): + أمر ف.
(٥) معين : يعين ك.
(٦) أعليناه : أبليناه ف.
(٧) الحيوان : الحيوانات ك.