والبحث الثاني (١) أنه ينعكس عن الماء وقتا وينفذ تحته وقتا وكذلك عن البلور ، فبجب إذن أن يدخل فى أحد الأمرين نقصان عن الآخر إما أن يكون المبصر تحت الماء لا يرى صحيحا ، بل ترى منه نقط (٢) عند الحس متفرقة لا صورة كاملة ، أو المنعكس إليه لا يرى بالتمام ، بل ترى منه نقط عند الحس متفرقة لا صورة كاملة وإن رؤى أحدهما أتم رؤى (٣) الآخر بحسبه أنقص ، وليس الأمر كذلك.
والبحث الثالث هو أن المنعكس عن الشىء الذي قد فارقه وواصل غيره ثم ترى به صورتهما معا لا يخلو إما أن تكون مفارقة الشعاع المنعكس لا توجب انسلاخ صورة المحسوس عن الشعاع أو توجب. فإن كانت (٤) لا توجب فكيف لا نرى ما أعرضنا عنه وفارقه الشعاع ، فإنا لا نعرف هناك علة إلا أن الشعاع استبدل به موقعا غيره. وإن كانت المفارقة توجب انسلاخ تلك الصورة عنه ففى الوقت الواحد كيف ترى المرآة والصورة معا ، فإن كان القائم على المرآة من الشعاع يرى صورة المرآة والزائل عنه (٥) إلى شىء آخر يرى صورة ذلك الشىء ، فقد اختص بكل واحد من المبصرين جزء من الشعاع فيجب أن لا يريا معا ، كما أن الشعاع الواقع على زيد والشعاع الواقع على (٦) عمرو فى فتح واحد من العين معا لا يوجب أن يتخيل المرئى من زيد مخالطا للمرئى من عمرو. فإن قيل : إن السبب فيه أن ذلك الشعاع يؤدى الصورة من طريق ذلك الخط إلى النفس فيكون خط واحد يؤديهما معا وما تأدى (٧) من خط واحد رؤى (٨) واحدا فى الوضع. (٩) قيل : أما أولا فقد أبطلت مذهبك ومنعت أن يكون الخط الخارج مبصرا من خارج ، بل مؤديا ؛ وأما ثانيا فإنه ليس يمتنع أن يخرج خط ثان (١٠) يلاقى الخط المنعكس ويتصل به ، فإن كان إنما يؤدى بما يتصل به من الخطوط ثم تحس القوة التي فى العين لا الخارجة ، فحينئذ كان يجب أن يرى الشىء من الخطين معا فترى الصورة مع صورة المرآة ومع غير تلك الصورة ، وكان يجب أن يتفق مرارا أن يرى الشىء متضاعفا لا بسبب فى البصر ولكن لاتصال خطوط شتى بصرية بخط واحد ، وهذا مما لا يكون ولا يتفق ، فإنا (١١) إنما يمكننا أن نرى الشىء فى المرآة
__________________
(١) أنه : + كيف ف.
(٢) نقط : فقط م.
(٣) رؤى أحدهما أتم رؤى : رأى أحدهما أتم رأى د ، ك ، م.
(٤) كانت : كان د ، ك ، م.
(٥) عنه : عنها ف.
(٦) زيد ... على : ساقطة من م.
(٧) تأدى : يؤدى ك.
(٨) رؤى : يرى ك
(٩) الوضع : الموضع د ، ك.
(١٠) ثان : بأن م ؛ + بأن ك.
(١١) فإنا : فأما ك.