ضلال ، فهل إن الله الذي يهدي ولا يهدّي أحق أن يتبع ، أم الخلق الذي لا يهدّي إلّا أن يهدى مهما كان من الهداة ، فضلا عن الضالين أو الذين لا يهدون ولا يضلون.
إذا فربنا هو الذي يهدي كأصل ، ثم الذين يهدون بأمره قدر ما اهتدوا ، الأهدى منهم فالأهدى.
وهنا (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ) تعني غير الصالحين من الملائكة والنبيين إذ هم يهدون إلى الحق بإذن الحق ، وحتى إذا شملهم إلى الطواغيت والأصنام فهم ممن لا يهدّي إلا أن يهدى ، فهل يترك هاديهم ـ وهو الله ـ إليهم وهم المهتدون بالله.
ولو أنهم اتبعوا الملائكة والنبيين كوسطاء بينهم وبين الله فقد اتبعوا الله ، ولكنهم وهم يعبدونهم بين سائر المعبودين من دون الله ، إنهم ليسوا ـ إذا ـ يتّبعون أصالة ، إذ ليسوا ليهدّوا إلّا أن يهدوا ، والله هو الهادي غير المهدي ، فهو الأصل في الهدى ، فهو ـ إذا ـ الأصل في الإتباع ليس إلا.
(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ) تكوينا وتشريعا كما الله الذي (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) ففي حقل التكوين أن يضع نظاما كونيا ، وفي التشريع أن يرسل رسلا وينزل كتبا توقظ غفلان القلوب وتهديهم إلى الحق المرام ، وحق الملائكة والنبيين إذ هم مهتدون بما هداهم الله في عمالة التكوين وحمل الشرعة إلى الرسل ولم يكونوا ليهدوا أنفسهم فضلا عمن سواهم.
(فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) بواجب أو راجح الإتباع لغير الله طاعة وعبادة أماهيه من شئونه؟.
(وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ)(٣٦).
هنا آيات عدة تندد بالظنون ، وهي الاعتقادات غير المسنودة إلى