يوحى أن قضية الموقف من الزحام والهول والكرب والمهانة ما يخلع آثاره على الوجوه إلّا الوجيهة بالله ، ف (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(١) وقد تعني «زيادة» زيادة على ما عنت «الدنيا» كما في رواية (٢) حيث الدنيا هي الحاضرة من حسنى الآخرة لمن يجعل دنياه آخرة وكما وعد الله : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) (٧ : ٩٦).
وزواية ثالثة من «زيادة» هي النظر إلى وجه الله ، معرفة عالية غالية كما يمكن في حقهم وهو الأحق بالمعني من «زيادة» فإنه زيادة على دار السلام الجنة ، وقد تعنيها (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٧٥ : ٢٣) ، وفي الحق إنه هو الزيادة الغالية التي لا تقاس بشيء من الحسنى هنا وفي الآخرة.
أجل وفيما يروى لهذه الزيادة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله : «ينظرون إلى ربهم بلا كيفية ولا حدود ولا صفة معلومة» (٣) وقد
__________________
(١) في مجمع البيان روى الفضيل بن يسار عن أبي جعفر الباقر (عليهما السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من عين ترقرقت بماءها إلا حرم الله ذلك الجسد على النار فإن فاضت من خشية الله لم يلحق دلك الوجه قتر ولا ذلة ، وفي تفسير العياشي نحوه.
(٢) نور الثقلين ٢ : ٣٠١ في أمالي الشيخ الطوسي بإسناده إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه : قال الله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) والحسنى هي الجنة والزيادة هي الدنيا ، وفيه عن تفسير القمي عن أبي جعفر (عليهما السلام) في الآية قال : أما الحسنى فالجنة وأما الزيادة فالدنيا ما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة ويجمع لهم ثواب الدنيا والآخرة ، وفيه عن أصول الكافي قال أبو جعفر (عليهما السلام) عند ما قرأت عليه هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إني لأعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن.
(٣) الدر المنثور ٣ : ٣٠٥ ـ أخرج ابن مردويه عن أنس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) قال : ينظرون إلى ربهم ... وفيه عن صهيب أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تلا هذه الآية قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ـ