المؤمن تصبح دنياه آخرة لأنها لها مزرعة وليست مزرءة ، ف (اللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) في الأولى والآخرة حيث المساعي الجميلة لتطبيق دعوة الله تعمر الدنيا قبل الآخرة وإن كانت (الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى). ف «يا أيها الناس هلموا إلى ربكم إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى» (١).
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٦) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٣٠٤ عن أبي الدرداء قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من يوم طلعت شمسه إلا وكّل بجنبتيها ملكان يناديان نداء يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين : يا أيها الناس ... ولا آبت شمسه إلا وكل بجنبتيها ملكان يناديان نداء يسمعه خلق الله كلهم غير الثقلين : اللهم أعط منفقا خلقا وأعط ممسكا تلفا فأنزل الله في ذلك كله قرآنا في قول الملكين : يا أيها الناس هلموا إلى ربكم والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، وأنزل في قولها : اللهم أعط منفقا خلفا واعط ممسكا تلفا : والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ـ إلى قوله ـ للعسرى.
وفيه في الدلائل عن سعيد بن أبي هلال سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) وتلا : والله يدعو إلى دار السلام .. فقال حدثني جابر قال خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما فقال إني رأيت في المنام كان جبرئيل عند رأسي وميكائيل عند رجلي يقول أحدهما لصاحبه ضرب مثلا فقال : اسمع سمعت أذناك ، واعقل عقل قلبك : إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ دارا ثم بنى فيها بيتا ثم جعل فيها مأدبة ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه فمنهم من أجاب الرسول ومنهم من ترك ، فالله هو الملك والدار الإسلام والبيت الجنة وأنت يا محمد رسول فمن أجابك دخل الإسلام ومن دخل الإسلام دخل الجنة ومن دخل الجنة أكل منها.