وإنما فريق السعير هم الظالمون ، وفريق الجنة هم من سواهم ، عادلين وسواهم من غير الظالمين : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (٤٢ : ٨).
ثم المستضعفون ومنهم (مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ(١) حَكِيمٌ) (٩ : ١٠٦) وهم الذين جمعوا بين قصور وتقصير ، فإن يعذبهم فهم من الذين شقوا ، وإن يتب عليهم فهم من الذين سعدوا ، ولكن الذين يعذبهم ليس ليخلدهم في النار ، فهم ـ إذا ـ من الخارجين عن النار ، جامعين بين سعادة الجنة وشقاء النار ، فهم ـ إذا ـ من السعداء.
وأما الذين (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) (٩ : ١٠٢) فعساهم من السعداء ، بل هم منهم وإن عذبوا بما أساءوا.
وهكذا سائر «المستضعفين» (مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً. فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً) (٤ : ٩٩).
فما روي من أن المجانين والصغار يمتحنون هناك فإما إلى جنة وإما إلى نار ، لا تصدّق حيث «اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل» (الخطبة ٤٢) (١) وكما تظافرت به آيات الكتاب وروايات السنة عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من آل الرسول (عليهم السلام).
__________________
(١) وهي : أيها الناس إن أخوف ما أخاف عليكم اثنان أتباع الهوى وطول الأمل ، فأما أتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة ، ألا وإن الدنيا قد ولّت حذّاء ، فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الأناء اصطّبها صابها ، ألا وأن الآخرة قد أقبلت. ولكل منها بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن كل ولد سيلحق بأمه يوم القيامة ، وإن اليوم ..».