تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (١٤ : ٤٨) و (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) (٣٩ : ٧٤) إذا ففي القيامة أرض وسماوات غير هذه حيث تبدّلان بهما ، ثم لا ندري هل هما فقط لأهل الحشر؟ أم ولمن قد يخلقهم الله بعد القيامة الكبرى؟ فأما خلود الذين شقوا في النار إلّا ما شاء ربك؟ :
فقد يعني خروج البعض من أهل النار حيث لا يستحقون الخلود ما دامت السماوات والأرض ، فهم من الخارجين قبل خرابهما وكما في حديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (١) ومنهم الباقون بعد خرابهما ما دامت النار ، قبل انتهاء سماوات القيامة وأرضها ، ولا نهاية لهما ، وأما الأبدية اللانهائية للنار فهي فرية على العدل الحكيم ، و (ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) فقد تؤكد (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) عدم الأبدية الطليقة لأهل النار ، قضية مضي الفعل الدال على حتميته ، فليس الاستثناء بالمشية هنا بيانا لطليق القدرة ، بل الأصل فيه واقع العدالة.
وأمّا خلود الذين سعدوا في الجنة ما دامت السماوات والأرض إلّا ما شاء ربك ، فهو استثناء لما مضى من مكوث بعض أهل الجنة في النار قبل أن يخرجوا منها إلى الجنة (٢) وأما البرزخ ، ف «يوم» هنا بحسابه منفصل عن (يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ) في الآية السالفة ، ثم هو جنس اليوم لجنس الموتى فهو ـ إذا ـ أيام ، وهنا (السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) هما قبل القيامة
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٣٥٠ ـ أخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن قتادة انه تلا هذه الآية : فأما الذين شقوا .. فقال : حدثنا أنس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : يخرج قوم من النار ولا نقول كما قال ، أهل حروراء ، وفيه أخرج ابن مردويه عن جابر قال : قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : فأما الذين شقوا ـ إلى قوله ـ إلا ما شاء ربك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن شاء الله أن يخرج أناسا من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل.
(٢) المصدر أخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله : (وأما الذين سعدوا ...) قال : هو في الذين يخرجون من النار فيدخلون الجنة ، يقول : (خالدين في الجنة ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك) يقول : إلا ما مكثوا في النار حتى ادخلوا الجنة.