الفروج دون الأدبار ، فحتى إن كان القصد عرضهن للزواج لأدبارهن فليس هذا إلا ترجيحا للأخف حرمة على الأشد.
ولو أنها دلت على أصل الحل في أدبارهن فهو إذا من شرعة إبراهيم ، والظاهر من الكتاب والسنة حرمتها كحرمة اللواط وكما فصلناه على ضوء (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) (٢ : ٢٣٣) حيث الحرثية فيهن ليست إلّا من طريق القبل دون الدبر ، ثم إنه قطع السبيل ، وكما في اعتراض لوط على قومه فيه (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ).
وهنا روايات عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن الأئمة من آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تحرم إتيانهن من أدبارهن (١).
ذلك ، ولكن لا حياة لمن تنادي ، ف (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١٥ : ٧٣) فلا تلمس العظة الحكيمة الفطر المنحرفة المريضة ، والقلوب الخائنة المقلوبة الآسنة ، والعقول المعقولة بطوع الهوى الآفنة ، حيث :
(قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ)(٧٩).
«ما» هنا قد تعني كلا الموصولة والنافية ، ف (لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍ) هو الفروج «وإنك تعلم ما نريد» من أدبار الذكور ، فلم يبق في الدور مجال لنا في بناتك وغيرهن من أناث ، أو ليس (لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍ) إذ لا نشتهيهن ، فالحق للإنسان هو فقط ما يريده لا ما
__________________
ـ المرأة من خلفها قال : أحله آية من كتاب الله عزّ وجلّ قول لوط : (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) وقد علم أنهم لا يريدون الفرج.
(١) في المستفيض عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في التي يؤتى من دبرها : هي اللوطية الصغرى. وفي البحار ١٢ : ١٦٧ عن تفسير العياشي عن يزيد بن ثابت قال : سأل رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) أيؤتى النساء في أدبارهن؟ فقال : سفلت سفلك الله ما سمعت الله يقول : أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين.