إضافة إلى أدبه البارع القمة ، وهنا الله تعالى مصرح بإعجازه العلمي (فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) مهما شمل الجانب اللفظي الأدبي فإنه القشر في إعجازه وسائره هو اللب.
والتحديات الثلاث لا تعني الكمية المتحدى بها ، بل هو الكيفية والنوعية وإن في آية واحدة ، حيث الأسلوب القرآني هو منقطع النظير بين كافة الأساليب لمن سوى الله ، مهما كان من عباقرة العلم والتفكير ، فالمماثلة في مثلّثها يعنى منها جانب الكيفية لفظيا ومعنويا ، دون الكمية إذ لا خارقة فيها.
(فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)؟
مسلمون كما يصفه القرآن ورسول القرآن : مسلمون للرسالة القرآنية ، وهنا يصفه شاهد منه قائلا : «ثم إن هذا الإسلام دين الله الذي اصطفاه لنفسه ، واصطنعه على عينه ، وأصفاه خير خلقه ، وأقام دعائمه على محبته ، أذلّ الأديان بعزته ، ووضع الملل برفعه ، وأهان أعداءه بكرامته ، وخذل محادّيه بنصره ، وهدم أركان الضلالة بركنه ، وسقى من عطش بحياضه ، وأناق الحياض بمواتحه ـ
ثم جعله لا انفصام لعروته ، ولا فك لحلقته ، ولا انهدام لأساسه ، ولا زوال لدعائمه ، ولا انقلاع لشجرته ، ولا انقلاع لمدته ، ولا عفاء لشرائعه ، ولا جذّ لفروعه ، ولا ضنك لطرقه ، ولا وعوثة لسهولته ، ولا سواد لوضحه ، ولا عوج لإنتصابه ، ولا عضل في عوده ، ولا وعث لفجّه ، ولا انقطاع لمصابيحه ، ولا مرارة لحلاوته ـ
فهو دعائم أساخ في الحق أسناخها ، وثبّت لها أساسها ، وينابيع غزرت عيونها ، ومصابيح شبت نيرانها ، ومنار اقتدى بها سفّارها ، وأعلام قصد بها فجاجها ، ومناهل روي بها ورّادها ، جعل الله فيه منتهى رضوانه ، وذروة دعائمه ، وسنام طاعته ، فهو عند الله وثيق الأركان ، ورفيع البنيان ، ومنير البرهان ، مضيء النيران ، عزيز السلطان ، مشرف المنار ، فشرّفوه واتبعوه ، وأدوا إليه حقه ، وضعوه مواضعه» (من الخطبة ١٨٩).