ولأن المعيشة تختلف حسب إختلاف الطلب حلا وحرمة وراحة وتعبا فعلينا أن ندعو ربنا في طلبها وكما يروى عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) :
«اللهم إني أسألك خير معيشة أتقوى بها على جميع حوائجي ، وأتوصل بها في الحياة إلى آخرتي من غير أن تترفني فيها فأطغى ، أو تقصّر بها علي فأشقى ، وأوسع عليّ من حلال رزقك ، وأفض عليّ من سيب فضلك ، نعمة منك سابغة ، وعطاء غير ممنون ، ثم لا تشغلني عن شكر نعمتك بالإكثار مما تلهيني بهجته ، وتفتنني زهرات زهوية ، ولا بإقلال منها يقصر بعملي كدّه ، ويملأ صدري همه ، أعطني من ذلك يا إلهي غنى عن شرار خلقك ، وبلاغا أرجو به رضوانك» (١).
ذلك وإجابة عن سؤال : إذا كان (عَلَى اللهِ رِزْقُها) تحلّق على كل دابة ، فما بال بعض الناس يموتون جوعا ، أو من تضيّق الرزق أكلا أو صحيا؟ نقول : (عَلَى اللهِ رِزْقُها) تعني كلا التكوين والتشريع شرط المساعي المقررة في شرعة الله ، فلكلّ حسب سعيه وقدر ما قدره الله ، ولا تعني (عَلَى اللهِ رِزْقُها) إلّا واقع التقدير لولا الموانع من قبل المقدّر لهم تبطلا ، أو من قبل الظالمين حقوقهم ، دون إيصال المقدر لهم دون سعي ، أم إزالة للموانع فإنها تنافي دار التكليف ودور الامتحان.
فحين قدّر لك قدر بما تسعى وبما لا يمنع ظالم أو يدفع من عليه حقّك حقّك ، فلا ضمان لوصول المقدر إليك حين تترك السعي اللّائق ، أو لا تأخذ حقك من الظالم ، أو لا تقدر على استجلاب حقك قضية قوة الظالم وضعفك.
فقد قدر الله لكل دابة رزقها حسب الحكمة العالية والمساعي الصالحة ، لولا الموانع لوصوله إليك ، وإن كان الله قد يزيل الموانع ، ولكنها ليست ضابطة في دار الإختيار الاختبار.
__________________
(١). الصحيفة الثانية السجادية.