(وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(١٠٥).
(أَقِمْ وَجْهَكَ) بكل الوجوه ظاهرة وباطنة دون إبقاء لأي وجه على أي وجه «للدين» الحق «حنيفا» معرضا عما سواه (وَلا تَكُونَنَ) أبدا (مِنَ الْمُشْرِكِينَ) بأية دركة من دركات الإشراك بالله ، فكن ـ إذا ـ في أخلص درجات التوحيد.
ذلك ، وذلك الإيجاب والسلب : (أَقِمْ ... وَلا تَكُونَنَ) وهما يعنيان كلة الإخلاص : «لا إله إلا الله» تراهما كيف يوجهان إلى أوّل المسلمين وأخلص المخلصين وهو عائش هذه الكلمة بكل كيانه طول حياته رساليا وما قبله؟.
ذلك له تأكيد وطيد ، ولمن يسمعه استئصال لآمال مائلة عن التوحيد أن يشاركهم مصلحيا إلى الإشراك بالله ، ثم ولآخرين عظة ونبهة أن الإشراك محظور محظور من أيّ كان ، فليس الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنه رسول حرا فيما يعتقد أو يفعل أو يقول ، بل هو كسائر المكلفين مسئول مسئول.
ذلك ، وباحتمال آخر تحتمله الآية وأضرابها ، الخطاب عام يشمل كافة المكلفين على الأبدال.
(وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ)(١٠٦).
فالذي ينفع بحق أو يضر بحق ، استقلالا دونما استغلال ، هو الله الذي لا إله إلّا هو ، ولا تعني العبادة كأصل في العابدين من دون الله إلّا جلب نفع أو دفع ضر ، فلا معبود إذا إلّا الله ، فعبادة من دون الله ظلم بالنفس وظلم بالحق وظلم على كافة المقاييس.
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(١٠٧).
إنه لا يدفع ضرّا لله أيّ دافع ، ولا خيره أيّ مانع ف «أطلبوا الخير