الله ، وذلك البدن حتى الآن باق بمعرض الآثار القديمة في القاهرة.
(وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)(٩٣).
«بوأنا» بواء روحيا وحيويا بما بعثنا فيهم رسلا ولا سيما موسى (عليه السلام) حيث نجاهم من فرعون ، وجعلناهم ملوكا يملكون أنفسهم بعد ما كانوا يملكون ، ويقدّرون أمورهم بعد ما كانوا يقدّرون ويغدرون.
وإفراد (مُبَوَّأَ صِدْقٍ) قد يعني جملة حياتهم التي تحولت من جحيم الاستعباد إلى جنة الإبعاد عن فرعون وملئه ، ثم (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) بعد الحياة الخبيثة الجائعة المائعة (فَمَا اخْتَلَفُوا) في الحق (حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ) فاختلفوا فيه بغيا بينهم ، إذ كانوا قبل بواء الصدق ورزق الطيبات ضلّالا لا يختلفون على محور الحق ولمّا يأتيهم ، فلما (جاءَهُمُ الْعِلْمُ) بالشرعة التوراتية والبلاغات الموسوية اختلفوا فيها على علم
__________________
أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) من المخاطب بالآية؟ فإن كان المخاطب به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس قد شك فيما أنزل الله عزّ وجلّ إليه وإن كان المخاطب غيره فعلى غيره إذا أنزل الكتاب؟ قال موسى : فسألت أخي علي بن محمد (عليه السلام) عن ذلك قال : أما قوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ ..) فإن المخاطب بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يكن في شك مما أنزل الله عزّ وجلّ ولكن قالت الجهلة : كيف لا يبعث إلينا نبيا من الملائكة أنه لم يفرق بينه وبين غيره في الاستغناء عن المأكل والمشرب والمشي في الأسواق فأوحى الله عزّ وجلّ إلى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) فأسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك بمحضر من الجهلة هل بعث الله رسولا قبلك إلا وهو يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ولك بهم أسوة وإنما قال «وإن كنت في شك» ولم يكن ، ولكن ليتبعهم كما قال له (صلى الله عليه وآله وسلم): «فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين» ولو قال تعالى : نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونوا يجيبون للمباهلة وقد عرف أن نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤد عنه رسالته وما هو من الكاذبين وكذلك عرف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه صادق فيما يقول ولكن أحب أن ينصف من نفسه.