فلا توكل ـ إذا ـ إلا عليه : (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (٩ : ١٢٩) لأنه الملك الحق (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) (٢٣ : ١١٦) ثم ولا شفيع من دونه : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ) (٣٢ : ٤).
فلا يعني العرش لربنا سبحانه وتعالى إلا حيطة علمه وقيوميته في كافة شئون الربوبية.
فكما أنه إله لا إله إلا هو ، وخالق : (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) كذلك هو رب لما خلق لا رب إلّا هو ، ولا مدخل لغيره تعالى في خلقه ، وإنما هو القيوم الديموم في ألوهيته وخالقيته وسائر ربوبيته ، لا شفيع له في خلقه خلقا وتدبيرا ، ثم ولا جزاء إلّا باذنه ف (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) «ما من شفيع» في تدبير الأمر «إلا من بعد إذنه» فالشفاعة الوساطة في أصل الخلق لا أصل له إذ هو الخالق لا سواه ، وكذلك الشفاعة في التشريع ، اللهم إلا شفاعة شرعية لبلاغ الرسالة ، ثم شفاعة في ظاهرة آيات الرسالة ، ومن ثم شفاعة في غفران الذنوب وما أشبه ، فالشفاعة المسموحة هي على أية حال خارجة عن شئون الربوبية الخاصة به تعالى وتقدس ، كما وهي أيضا خاصة باذنه ، فلا يستقل أحد في هذه الشفاعات المسموحة حيث تنحصر «باذنه».
وذلك الإذن مشروط بشروطات عدة مسرودة في الكتاب والسنة ، ومن السنة ولاية حملة السنة المعصومين (عليهم السلام) ، بعد ولاية الله وولاية الرسول وصالحة الأعمال ، وكما يروى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): «شفاعتي لأمتي من أحب أهل بيتي» (١) و «من أبغض أحدا من أهل بيتي فقد حرم شفاعتي» (٢) «من آذاني في عترتي لم تنله شفاعتي» (٣) «أول من أشفع له من أمتي أهل بيتي» (٤) «شيعتك على منابر من نور
__________________
(١) ملحقات إحقاق الحق ٩ : ٤٢٣ و١٨ : ٤٥٨ ـ ٤٥٩.
(٢) المصدر ٦ : ٤١٣ و٩ : ٤٨ و١٨ : ٤٦٠ ، ٤٦٦.
(٣) المصدر ٩ : ٤٨٦.
(٤) المصدر ٩ : ٣٨٠ ـ ٣٨١ و١٨ : ٤٦٤ ، ٤٦٨ ، ٥٤٣.