حكمة الخلق أن لن تنفصل ، حيث الربوبية الناتجة عن الألوهية هي كما الألوهية كاملة غير مائلة ، وسائر الربوبيات المدّعاة لا أصل لها ولا فرع صالحا.
وهكذا (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ ـ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ـ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ـ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ـ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ـ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)؟.
فالله تعالى شأنه يملك هذه الخماسية من الربوبية خلقا وتدبيرا وتيسيرا فمعبودية (أَفَلا تَذَكَّرُونَ)؟.
ذلك ، وقضية الألوهية لم تكن محل إنكار للمشركين إذ كانوا معترفين مصرحين بوحدة الألوهية ، ولكنه لم تكن تتبعه مقتضياته ، فلقد كان من قضايا ذلك الاعتراف أن يعترفوا لزاما بربوبيته الوحيدة في حياتهم ، ثم الربوبية الإلهية تتمثل في الدينونة له وحده ، إذا فلا تقدّم الشعائر والشعورات التعبدية إلا له وحده ، ف (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) لا سواه.
هذا ولكن هؤلاء المجاهيل وأضرابهم يحصرون الألوهية في الخالفية ثم يحسرونها عن الربوبية والمعبودية.
والعرش هنا هو عرش تدبير الخلق بعد خلقه : «ثم استوى على العرش لتدبير الأمور» (١) و «قد (كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) (١١ : ٧) قبل أن يخلق منه الأرض والسماء ، ثم له عرش يوم القيامة لتدبير الحساب فالثواب والعقاب : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) (٦٩ : ١٧) فمثلث العرش هو لمثلث النشآت فلا عرش له ـ إذا ـ قبل خلقه الخلق إذ لا مخلوق حتى يدبّر.
تدبير حكيم لا حول عنه وكما في حديث قدسي : «إني أدبر عبادي
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٩٢ عن جابر عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله جلّ ذكره وتقدست أسماءه خلق الأرض قبل السماء ثم ...