خلاصة صالحة عن كافة زهورات الوحي دون إبقاء فهو ـ إذا ـ شفاء لما في الصدور المتضيقة بمختلف المضايق ، شارحا لها كل شرح صالح قدر ما يدخله كما يحق ، فالفطر المحجوبة ، والعقول المعقولة ، والصدور المضيقة المدخولة ، والقلوب المقلوبة ، والألباب والأفئدة الدخيلة ، يكون القرآن لها شفاء «والصدور» هي الوسطى بينها ، فشفاءها هو شفاء لما قبلها وما بعدها من مجالات الأرواح ، وجلوات ذوي الأرواح.
فالقرآن هو للكل معدن الموعظة للصّلبين الصّلتين عن تحري الحق وتقبله ، فإذا وجدت موعظته مجالا في الأنفس تليينا لها من صلابتها فهنا دور شفاءه لما في الصدور دواء لأدواءها ، ومن ثم (هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) به ، فقد «أنزل عليكم كتابا فيه شفاء لما في الصدور من أمراض الخواطر ومشتبهات الأمور» (١) و «من نفث الشيطان» (٢) ف «تعلموا القرآن فإنه ربيع القلوب واستشفوا بنوره فإنه شفاء لما في الصدور (٣) وحين يكون القرآن شفاء لما في صدور الأرواح فهكذا صدور الأجساد ، بل وسائر أجزاءها (٤).
ذلك ، ف «موعظة وشفاء» هما خطوتان قرآنيتان للتخلية ، ثم (هُدىً وَرَحْمَةٌ) هما خطوتان قرآنيتان للتحلية ، ولا دور للتحلية إلّا بعد
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٣٠٧ عن كتاب الأهليلجة قال الصادق (عليه السلام) : ..
(٢) وفيه عن روضة الكافي بسند متصل عن علي بن عيسى رفعه قال : إن موسى (عليه السلام) ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته : يا موسى لا يطول في الدنيا أملك ـ وذكر حديثا قدسيا طويلا يقول فيه ـ عز من قائل ـ : وقد ذكر محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) ولأنزلق عليه قرآنا فرقانا شفاء لما في الصدور من نفث الشيطان.
(٣) المصدر عن نهج البلاغة.
(٤) الدر المنثور ٣ : ٣٠٨ ـ أخرج ابن المنذر وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : إني اشتكي صدري فقال : اقرء القرآن يقول الله تعالى : شفاء لما في الصدور ، وفيه أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن وائلة بن الأسقع أن رجلا شكا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجع حلقه فقال : عليك بقراءة القرآن.