منهم في كيانه وظاهر عبادته ، فقد «كان من الجن ففسق عن امر به» ولو كان من الملائكة لم يفسق عن أمر ربه : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ ، لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ).
كما وأن الملائكة أيضا تعترف أن الجن لا تسانخهم ولا تجانس : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ ـ قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ) (٣٤ : ٤١)
ومن ثم فإبليس له ذرية : (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي) (١٨ : ٥٠) ولا ذرية إلّا بين ذكر وأنثى ، والجن منهم نساء ومنهم رجال : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ) والملائكة لا ذكور فيهم ولا إناث : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) وإذ لا إناث فيهم فلا رجال ، أم ـ على أقل تقدير ـ ليست لهم ذرية فإنها بين رجال وإناث!.
فترى إذ لم يكن إبليس من قبيل الملائكة فكيف يشمله أمر السجود الخاص بالملائكة: (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ)؟ وكيف يعتبر عاصيا إذ لم يسجد ، أفعصيانا دون ذنب؟!
إنه أمر ولعله مرتين ، إحداهما : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) (٧ : ١٢) كما وهو معترف بالأمر : (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) (١٧ : ٦١) وإلّا كان يعتذر ويعترض بعدم الأمر!
فلقد شمله أمر الملائكة ـ كما وعلّه اختصه امر ثان ـ شمله حيث كان في العبادة بكيان الملائكة ، وحتى في مكان الملائكة ، فعدّ منهم من حيث الملائكية الروحانية ، مهما اختلف عنهم في غيرها ، عبد الله معهم كما كانوا