الأعمال التي رزقوها يوم الدنيا فيؤتون في الأخرى ثمراتها (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً) (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) تشابه الأعمال وثمراتها ، وفيها مزيد بفضل الله.
أم إنها ما رزقوا من قبل في الدنيا مهما حرموا عنها فيها ، فالحارمون هنا محرومون هناك ، والمؤمنون المحرومون مرزوقون هناك : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٧ : ٣٢) بعد ما كانت خالطة يوم الدنيا ، وهم في الأكثر كانوا محرومين عنها ، فلما وجدوا هناك من كل الثمرات فرحوا قائلين : (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) وحرمناه هناك.
وهم من هذا المثلث من الرزق السابق ، يجدون له متشابها : للذي رزقوه من قبل من حيث الشاكلة لرزق الدنيا ، وفي مرتبة أعلى عن جنة البرزخ ، جزاء وفاقا لما عملوها من صالحات وهناك مزيد.
فرزق الجنة والدنيا لا يتشابهان إلّا في الاسم وفي أصل المنظر ، واما في نضرته وطعومته ف «لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» وعلّ «في طعام العرس مثقال من ريح الجنة» (١).
والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يصف الجنة ببعض شروطها وأشراطها : «من خالف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ، ألا ان سلعة الله الجنة ، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه» (٢). هذا ، كما ويجدون متشابها مع بعض ، فثمار الجنة متشابهة اللذة
__________________
(١) الدر المنثور : ١ : ٣٨ ـ أخرجه الديلمي عن عمر قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ...
(٢) الدر منثور ١ : ٣٧ أخرجه الترمذي وحسنه والحاكم وصحيحه عن أبي هريرة