يوجههم بالقرآن لأنه أدل وأفضل مما أوتوا ، وفيه الكفاية حجة للعقل والعلم دون الحس والبصر فقط ، كما في الآيات المحسوسة من ذي قبل ، التي تعودوا بها طوال الرسالات ، ثم فوجئوا بآية وحيدة منقطعة النظير هي القرآن : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ. أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ. قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٢٩ : ٥٢) : فشهادة الله في كتابه النازل ويتلى عليهم كافية ، وأكفى من شهادته في الآيات الحسية العابرة التي تحدّ بحدود رسالاتها ، ولكن هذه الرسالة الاخيرة لا حدّ لها حتى يكتفى فيها بآيات محدودة.
ترى لو ان محمدا اوتي ما اوتي رسل الله من آيات وقتية مع رسالته الخالدة ، فكيف كان بالإمكان أن يؤمن به العالمون بعد موته وانقضاء معجزاته ، وكما لا يمكن عقليا الإيمان بالرسالات الماضية ، لا على ضوء كتاباتها إذ معجزة فيها ، ولا معجزاتها التي ماتت بموت أنبياءها ، وغبرت بما قبروا ، اللهم إلّا بما يشهد القرآن المعجز بذاته ، بآياته وبيناته!.
فعلى المرسل إليهم أن يطالبوا رسولهم بآية تدل ، لا كما يهوون ف (لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) ولكنما المبطلون كانوا ولا يزالون يطالبون صاحب هذه الرسالة بمثل ما أوتى رسل الله من قبل : (وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ..) (٦ : ١٢٤) (فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ ، قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ