كله ، أدناه سورة او آية ، وأعلاه كلّه ، وبينهما متوسطات ذكر منها عشر سور.
وترى ما هي «سورة» ليقف التحدي عندها ، أم ماذا؟
أقول : انها لغويا فعلة من «سور» : سور المدينة وحائطها ، الذي يفصلها عن غيرها ، فالسورة من القرآن آيات محدودة مفصولة عن محدودات أخرى ، وبماذا؟ طبعا بالبسملات في بداياتها كآية منها ـ إلّا البرائة ـ وفي نهاياتها كآية مما يليها كالسور كلها ، وانما تعرف البراءة سورة في نهايتها كسائر السور ، وفي بدايتها بما تواتر ان (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ ..) اولى آياتها ، فالبسملة بصورة عامة ـ إلّا التي في النمل ـ سور بدء ختم للسّور كلها ، إضافة الى المعروف المتواتر القاطع من بداياتها ونهاياتها.
وقد تدل «سورة» و «عشر سور» واضرابها (١) ان القرآن كما هو الآن رتب سورا زمن الوحي ، مهما نزل في قسم منه سورا وفي آخر آيات ، فلو لم يكن مرتبا حينذاك سورا لم يشمل التحدي القرآن كله.
او أنه يلمح الى ترتيب سابق للعهد المكي ، وترتيب يلحقه في العهد المدني ، فيما لم تنزل سورا ، ومهما يكن من شيء فلا ريب ان جمع القرآن وترتيبه لم يكن إلّا بالوحي كما ان تنزيله بالوحي : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (٧٥ : ١٧) (٢) دون تدخّل لأحد في تأليفه سورا وآيات إلّا كما امر الرسول وأئتمر فألّفه كما أمر.
__________________
(١) مجموع ما ذكر فيه «سورة» في القرآن تسعة مواضع : هنا و ٩ : ٦٤ و ٨٦ و ١٢٤ و ١٢٧ ـ ١٠ : ٣٨ ـ ٢٤ : ١ ـ ٤٧ : ٢٠ ـ ١١ : ١٣ ـ وعامة الدلالة فيها أن القرآن أنزل سورا ، الا طوائف من آياته.
(٢) راجع الى تفسير الآية في سورة القيامة ج ٢٩ : ٢٨٠ ـ ٢٨٤.