الثالثة : ما ورد في بعض أحاديث التلقين ـ عند وضع الميّت في القبر ـ أنّه ينبغي أن يقال له : هذا أوّل يوم من أيّام الآخرة ، وآخر يوم من أيّام الدنيا. فهذا يدلّ على نفي الرجعة.
والجواب أوّلاً : إنّ الرجعة غير عامّة لكلّ أحد ، وإنّما ينبغي تلقين الميّت (١) بذلك ، لعدم العلم بأنّه من أهل الرجعة قطعاً ، والأصل عدم كونه منهم إلى (٢) أن يتحقّق ويثبت.
وثانياً : إنّ الرجعة واسطة بين الدنيا والآخرة ، فيجوز أن يطلق عليها كلّ واحد منهما ، وقد عرفت إطلاق أهل اللغة إسم الدنيا عليها ، ورأيت الأحاديث التي تفيد إطلاق كلّ واحد من اللفظين عليها باعتبارين ، وتقدّم حديث صريح في إطلاق اسم الآخرة عليها.
وثالثاً : إنّ أهل الرجعة يحتمل كونهم غير مكلّفين ، والمراد بالدنيا في حديث التلقين دار التكليف كما يفهم منه بالقرينة (٣).
ورابعاً : إنّ الحياة الاُولى بالنسبة إلى الثانية يجوز أن يطلق عليها اسم الدنيا بحسب وضع اللغة ، بأن تكون وضعت للاُولى خاصّة ، إمّا من الدنو أو من الدناءة ، ويكون إطلاقها على الحياة الثانية محتاجاً إلى القرينة ; لأنّه إنّما يصدق عليها ذلك المعنى بالنسبة إلى القيامة الكبرى لا مطلقاً.
وخامساً : إنّ الحديث المشار إليه غير متواتر ، فلا يقاوم أحاديث الرجعة وأدلّتها لو كان صريحاً في المعارضة (٤) ، فكيف واحتمالاته كثيرة.
__________________
١ ـ في « ط » : وإنّما تلقين ينبغي.
٢ ـ ( إلى ) أثبتناه من « ح ، ش ، ك ».
٣ ـ في نسخة « ش » : منهم. بدل : منه بالقرينة.
٤ ـ في المطبوع و « ط » : المعارض. وما في المتن من « ح ، ش ، ك ».