نعلم أن هؤلاء لا ينطقون ، فكيف تطلب منا سؤالهم إن كانوا ينطقون؟! أي أنهم احتجوا على إبراهيم بما هو الحجة لإبراهيم عليهم بسبب الحيرة التي أدركتهم.
فقه الحياة أو الأحكام :
لقد طاشت سهام قوم إبراهيم حينما رأوا أصنامهم مكسّرة ، بعد أن رجعوا من عيدهم ، فقالوا على جهة البحث والإنكار : (مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ). وهذا أمر متوقع ، قدّره إبراهيم عليهالسلام.
كما أنه قدر أنهم سيعرفون أنه هو المتهم بالتكسير ، لحملته السابقة بالقول والنكير ، وتسفيه الأحلام والعقول ، وانتقاده اللاذع لعبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع ، ودعوته إلى عبادة الله الواحد الأحد الذي يمنح ويمنع ، ويضر وينفع.
ولما بلغ الخبر نمروذ وأشراف قومه ، أرادوا إثبات التهمة عليه بالبينة ، فقالوا : ائتوا به على مرأى ومسمع من الناس ، ليشهدوا عليه بما يقول ، ليكون ذلك حجة عليه.
وفي هذا دليل على أنه ما كان يؤخذ أحد بدعوى أحد ، وهكذا الأمر في شرعنا ، وكل الشرائع.
ولكنهم ما أدركوا أن تلك المواجهة مع إبراهيم عليهالسلام أمام الناس في غير صالحهم ، فقد كان إبراهيم قوي الحجة ، وأراد تنبيه الأفكار إلى عبث عبادتهم ، وقلة عقلهم ، وكثرة جهلهم ، فسألوه عمن فعل تلك الفعلة ، فأجابهم بأن الفاعل هو كبيرهم ، تعريضا بأن عبادتهم له وتعظيمهم إياه سبب للغيظ والغضب ، مما حمله على تكسيرها ، وتنبيها لهم بأن من لا يتكلم ولا يعلم لا يستحق أن يعبد ، وكان قوله من المعاريض ، وفي المعاريض مندوحة عن الكذب ، قال صلىاللهعليهوسلم فيما