(وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ) أي وو الله لأجتهدن في كسر أصنامكم ، وفي إلحاق الأذى بها ، بعد أن تذهبوا إلى عيدكم ، وكان لهم مجمع عيد يخرجون إليه كل سنة ، ثم يعودون ، فيسجدون للأصنام.
وقوله : (بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ) أي منطلقين ذاهبين. وسمع هذا القول رجل منهم ، فحفظه ، ثم أخبر عنه ، وشاع ذلك في جماعة ، وعليه قال تعالى :(قالُوا : سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ) [الأنبياء ٢١ / ٦٠].
ولم يخرج إبراهيم معهم معتذرا بأنه سقيم ، وصمم على تنفيذ خطته عمليا ، لعلهم يتركون عبادة الأصنام ، حينما يتأملون أنها لا تستطيع دفع الأذى عن نفسها ، والبرهان العملي أوقع في النفس ، وأدعى إلى التأمل ، وأشد صدمة للذهن.
(فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ) أي فلما ذهبوا دخل على الأصنام ، وأمامهم الأكل ، فجعلهم قطعا فتاتا وحطاما ، كسرها كلها إلا الصنم الكبير عندهم لم يكسره كما قال تعالى : (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ) [الصافات ٣٧ / ٩٣] لعل هؤلاء الوثنيين يرجعون إلى الكبير الذي يلجأ إليه عادة ، وقد علق إبراهيم الفأس على عنقه ، أو في يده ، فيتبين لهم أنه عاجز لا يستطيع فعل شيء ، وأنهم بعبادة الأصنام مغرورون جاهلون.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستفاد من الآيات ما يأتي :
١ ـ لا تأتي النبوة لأحد إلا بعد إعداد وصقل وتوافر مقومات ومؤهلات تؤهل لها ، فهذا إبراهيم الخليل عليهالسلام وفّقه الله لهدايته وللنظر والاستدلال على توحيد الله بآيات الكون من قبل النبوة على الرأي الراجح ، أو من قبل