وأبدعهن على غير مثال سبق. (وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ) الذي قلته. (مِنَ الشَّاهِدِينَ) به المتحققين صحته ، والمبرهنين عليه ، فإن الشاهد : من تحقق الشيء وحققه.
(لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) لأجتهدن في كسرها. والكيد في الأصل : الاحتيال في الإضرار ، والمراد هنا : المبالغة في إلحاق الأذى بها. (فَجَعَلَهُمْ) بعد ذهابهم إلى مجتمعهم في يوم عيد لهم. (جُذاذاً) قطعا أو فتاتا ، من الجذ ، أي القطع. (إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ) للأصنام ، كسر غيره ، واستبقاه ، وجعل الفأس على عنقه. (لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ) أي إلى الكبير. (يَرْجِعُونَ) فيروا ما فعل بغيره.
المناسبة :
هذه هي القصة الثانية من قصص الأنبياء في هذه السورة تسلية للرسولصلىاللهعليهوسلم ، ليتأسى بهم في الصبر والجهاد في سبيل الله والدعوة إلى الدين الحق ومعاداة المشركين.
التفسير والبيان :
(وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ ..) أي والله لقد آتينا إبراهيم رشده ، أي هديناه إلى ما فيه الخير والصلاح ، من قبل موسى وهارون أو من قبل النبوة ، ووفقناه إلى توحيد الله ، ومعاداة عبادة الأصنام ؛ لأنها لا تنفع ولا تضر ، ولا تسمع ولا تبصر ، وما هي إلا حجر أو معدن أو خشب صنعها أبوه أمامه بالقدوم ، وكنا عالمين بأنه أهل للنبوة ، وجامع لمحاسن الأخلاق. والرشد : إما النبوة وإما الأهلية للخير والصلاح في الدين والدنيا.
قال القرطبي : وعلى الأول أكثر أهل التفسير.
(إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ : ما هذِهِ التَّماثِيلُ ..؟ إِذْ) : إما أن يتعلق بآياتنا أو برشده ، أو بمحذوف ، أي اذكر من أوقات رشده هذا الوقت. أي آتيناه الرشد حين أنكر على قومه عبادة الأصنام من دون الله عزوجل ، فقال : ما هذه التماثيل أي الأصنام التي أنتم مقيمون على عبادتها وتعظيمها؟