المزعومة لا تتمكن من نصر أنفسهم ، ولا دفع الضر والبلاء عنهم ، ولا هم منا يجأرون أو يمنعون ؛ لأنهم في غاية العجز والضعف ، فكيف ينصرون غيرهم ، ويدفعون الضر عنهم ، أو يجلبون النفع لهم؟!
ثم أخبر تعالى عن مزيد فضله عليهم فقال :
(بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) أي إن الذي غرهم وحملهم على ما هم فيه من الضلال أنّهم متّعوا في الحياة الدنيا ، ونعموا بها ، وطال عليهم العمر فيما هم فيه ، فاعتقدوا أنهم على شيء ، والحقيقة أنهم مع طول الزمان في غفلة ، حتى اغتروا بنعمتنا ، ونسوا شكرها.
والخلاصة : أنه ما حملهم على الإعراض عن آيات الله إلا الاغترار بطول المهلة.
ثم قال تعالى واعظا لهم :
(أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) أي أفلا يعتبرون بنصر الله لأوليائه على أعدائه ، وإهلاكه الأمم المكذبة ، والقرى الظالمة ، وإنجائه لعباده المؤمنين ، وفتح البلاد حول مكة ، وتناقص رقعة بلاد أهل الشرك؟!
وبعبارة أخرى : أفلا يرون أنا ننقص أرض الكفر ودار الحرب ، ونحذف جوانبها وأطرافها بتسليط المسلمين عليها ، وتغلبهم على أهلها ، وضمّها إلى دار الإسلام.
والفائدة في قوله : (نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) تصوير ما كان يجريه على أيدي المسلمين ، وأن عساكرهم وسراياهم كانت تفتح أرض المشركين المعتدين ، وتأتيها غالبة عليها ، ناقصة من أطرافها. ومعنى نقص أطرافها : دخول المسلمين فيها ، واتساع نفوذ الإسلام شيئا فشيئا ، وانحسار أرض الكفار ،