(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) أي يتعجل وقوع العذاب الذي تنذرهم به هؤلاء الكفار الملحدون المكذبون بالله وكتابه ورسوله واليوم الآخر ، كما قال تعالى : (وَإِذْ قالُوا : اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ ، فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ ، أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [الأنفال ٨ / ٣٢] وقال سبحانه : (وَقالُوا : رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) [ص ٣٨ / ١٦].
(وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ) أي والعذاب آت حالّ لا بد منه ، فإن الله لا يخلف وعده الذي وعدهم به ، وهو إقامة الساعة ، والانتقام من أعدائه ، والإكرام لأوليائه ، وما وعده إياهم ليصيبنهم ولو بعد حين.
(وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) أي إن الله تعالى حليم لا يعجل ، ومن حلمه واستقصاره المدد الطوال أن يوما واحدا عنده كألف سنة مما تعدون ، أي إن يوما من أيام العذاب عند ربك ، التي تحل بهم في الآخرة يعادل لشدة عذابه ألف سنة من أيام الدنيا ، فأين هم من عذاب ربك؟ وإن مقدار ألف سنة عند خلقه كيوم واحد عنده بالنسبة إلى حكمه ، لعلمه بأنه على الانتقام قادر ، وأنه لا يفوته شيء ، وإن أجّل وأنظر وأملى.
وهذه الآية كقوله تعالى : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [السجدة ٣٢ / ٥].
والخلاصة : أنهم لو عرفوا حال عذاب الآخرة ، وأنه بهذا الوصف لما استعجلوه ، فاقتضت حكمته الإمهال.
وتأكيدا للإنظار والإمهال ، وإن طال الأمد ، قال تعالى :
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها ، وَهِيَ ظالِمَةٌ ، ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ) أي وكثيرا من القرى أملى الله لها ، وأخّر عنها العذاب وإهلاكها ، مع أنها مستمرة في