الإعراب :
(فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ) : الكاف في موضع نصب بفعل مقدر يفسره الظاهر ، وتقديره : وكأين من قرية أهلكتها ، وهذا إذا جعلت أهلكتها خبرا. فإن جعلتها صفة ل (قَرْيَةٍ) لم يجز أن تكون مفسرة لفعل مقدر ؛ لأن الصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف.
(وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ) معطوف بالجر على قوله (قَرْيَةٍ) وتقديره : وكم من بئر معطلة ، وقيل : هو معطوف على (عُرُوشِها).
المفردات اللغوية :
(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ ..) تسلية له صلىاللهعليهوسلم بأن قومه إن كذبوه فهو ليس وحده منفردا في التكذيب ، فإن هؤلاء قد كذبوا رسلهم قبل قومه. (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ) تأنيث قوم باعتبار المعنى. (وَعادٌ) قوم هود. (وَثَمُودُ) قوم صالح. (وَأَصْحابُ مَدْيَنَ) قوم شعيب. (وَكُذِّبَ مُوسى) كذبه القبط ، لا قومه بنو إسرائيل ، لذا غيّر فيه النظم ، وبني الفعل للمفعول ؛ لأن قومه لم يكذبوه ، وإنما كذبه القبط ، ولأن تكذيبه كان أشنع. (فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ) أمهلتهم بتأخير العقاب لهم. (ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) بالعذاب أي أهلكتهم. (نَكِيرِ) إنكاري عليهم ، بتغيير النعمة محنة ، والحياة هلاكا ، والعمارة خرابا. والاستفهام ب (فَكَيْفَ) للتقرير ، أي هو واقع موقعه ، ويراد به التعجب.
(فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها) أي كم من قرية أهلكتها ، أي بإهلاك أهلها. (وَهِيَ ظالِمَةٌ) أي أهلها بكفرهم. (خاوِيَةٌ) ساقطة. (عَلى عُرُوشِها) سقوفها ، أي ساقطة حيطانها على سقوفها أو خالية. (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ) أي وكم من بئر معطلة ، أي متروكة بموت أهلها عطفا على (قَرْيَةٍ). (وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) رفيع أي مرفوع حال ، بموت أهله ، أو مجصص مبني بالشّيد أي الجصّ ، أخليناه عن ساكنيه ، وذلك يقوي أن معنى (خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) خالية مع بقاء عروشها.
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) أي كفار مكة ، وهو حثّ لهم أن يسافروا ، ليروا مصارع المهلكين ، فيعتبروا. (يَعْقِلُونَ بِها) أي يدركون ما يجب أن يعقل ، وما حصل لهم من الاستبصار والاستدلال بما نزل بالمكذبين قبلهم. (أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها) ما يجب أن يسمع من الوحي ، والتذكير بحال من يشاهد آثارهم. (فَإِنَّها) الضمير عائد للقصة أو مبهم يفسره الإبصار ، أي أن الضمير ضمير الشأن والقصة ، وهو يجيء مذكرا ومؤنثا. (وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) أي تعمى عن الاعتبار ، أي ليس الخلل في مشاعرهم ، وإنما في سوء استعمال عقولهم باتباع الهوى والانهماك في التقليد. وذكر الصدور للتأكيد.