العمل. والخلاصة : أنها نعمة جليلة تستحق الشكر والحمد ، فقوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) تعليل لما قبله. وكلمة «لعل» ليست للرجاء الذي هو توقع الأمر المحبوب ؛ لأنه مستحيل على الله تعالى ؛ لأنه ينبئ عن الجهل بعواقب الأمور ، فتكون للتعليل بمعنى «كي». ونظير الآية قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً ، فَهُمْ لَها مالِكُونَ. وَذَلَّلْناها لَهُمْ ، فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ. وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ ، أَفَلا يَشْكُرُونَ) [يس ٣٦ / ٧١ ـ ٧٣].
ثم ذكر الله تعالى الهدف من ذبح الأنعام فقال :
(لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها ..) أي إنما شرع الله لكم نحر هذه الهدايا والضحايا ، لتذكروه عند ذبحها ، ولن يصل إلى الله شيء من لحومها ولا من دمائها ، ولكن يصله التقوى والإخلاص ، وترفع إليه الأعمال الصالحة. وكان أهل الجاهلية إذا ذبحوها لآلهتهم ، وضعوا عليها من لحوم قرابينهم ، ونضحوا عليها من دمائها ، وأراد المسلمون أن يفعلوا مثلهم ، فنزلت الآية : (لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها ..)
ثم كرر تعالى ذكر تسخير الأنعام وتذليلها للناس ؛ لأن في الإعادة تذكيرا بالنعمة ، الذي يبعث على شكرها ، والثناء على الله من أجلها ، والقيام بما يجب لعظمته وكبريائه ، فقال :
(كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) أي من أجل هذا سخر لكم البدن وذللها ، أو هكذا سخرها ، لتعظموا الله وتشكروه على ما أرشدكم إليه لدينه وشرعه ، وما يحبه ويرضاه ، ونهاكم عما يكره ، ويأبى مما هو ضارّ غير نافع.
ثم وعد المهديين الراشدين بقوله :