أنس ، فإن لم تكن ضرورة وجب ضمان ما ينتفع به ؛ لأنه ضار حقا للفقراء ، فعليه أن يعوضهم مقدار قيمته.
والمشهور من مذهب المالكية أنه يكره الانتفاع بالبدن بركوبها ووبرها ، ولو كان لبنها فاضلا عن حاجة أولادها. وهذا قريب من مذهب الحنفية.
وذهب بعض العلماء إلى وجوب ركوب البدنة ، لقوله صلىاللهعليهوسلم : «اركبها». وقد أخذ أحمد وإسحاق وأهل الظاهر بظاهر هذا الحديث. وهذا يغاير فعل النبي صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنه لم يركب هديه ولم يركبه غيره.
٩ ـ إن شعائر الحج كلها من الوقوف بعرفة ورمي الجمار والسعي ينتهي إلى طواف الإفاضة بالبيت العتيق. وأما ذبح البدن والهدي فلا يصح إلا في الحرم ؛ لأنه تعالى جعل محلها إلى البيت العتيق ، قال عطاء : ينتهي إلى مكة.
١٠ ـ الإخبار بجعل نسك الذبح لكل الأمم فيه تحريك النفوس إلى المسارعة إلى هذا البر ، والاهتمام بهذه القربة ، وفيه إشعار بأن أهل الجاهلية الذين كانوا يذبحون لأصنامهم ، ويخلطون في التسمية على ذبائحهم ، إنما كانوا يفعلون ذلك من عند أنفسهم ، واتباعا لمحض شهواتهم وأهوائهم ، فإن شرائع الله كلها قد اتفقت على أن التقرب إنما يكون لله وحده ، وباسمه وحده ؛ إذ ليس للناس إلا إله واحد.
١١ ـ الإله الواحد هو الرازق والمشرع والمكلّف بالتكاليف الدينية ، فتجب إطاعته ، والانقياد لحكمه ، وأن يكون الذبح له ، وأن يذكر اسمه عند الذبح ، وأن يخلص الذبح له لا لغيره أو مع غيره ؛ لأنه رازق ذلك. وظاهر الآية : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) وجوب ذكر اسم الله على الذبيحة ، ووجوب اعتقاد أن الله واحد ، ووجوب الإسلام بمعنى الإخلاص لله في العمل.