٦ ـ المشرك هالك حتما ، خاسر الآخرة ، فهو يوم القيامة بمنزلة من لا يملك لنفسه نفعا ، ولا يدفع عن نفسه ضرا ولا عذابا ، فهو بمنزلة من خرّ من السماء ، فهو لا يقدر أن يدفع شيئا عن نفسه ، ونهايته الهلاك إما بأن تقطعه الطيور بمخالبها ، أو تعصف به الريح ، وتسقطه في مكان قفر بعيد لا نجاة له فيه.
٧ ـ إن تعظيم شعائر الله (وهي الأنعام التي تساق هديا للكعبة ، كما روي عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما ، أو هي جميع مناسك الحج ، والصحيح أنها البدن كما قال ابن العربي) من علائم التقوى ودعائمها. وتعظيمها يكون باختيارها سمينة حسنة غالية الأثمان. والتقوى : هي الخشية التي تبعث على اتباع الأوامر واجتناب النواهي. والإخلاص والتقوى والخشية غاية ما يتمنى المرء أن يدركه في هذه الدنيا ، ليصل به إلى سعادة الآخرة.
وفي الآية حث على التقوى ، وبعث للهمم على الاهتمام بأمرها.
٨ ـ يجوز الانتفاع بالبدن بالركوب والحلب وأخذ الصوف وغيرها ، إلى وقت الذبح ، فقد فسر الشافعية الأجل المسمى في الآية بوقت نحر الهدي. وقالوا : إنما يجوز الانتفاع للحاجة ، ولو لم يكن هناك اضطرار. ولا يجوز لغير حاجة ، والأولى أن يتصدق بمنافعها ، ولكن لا يضمن شيئا من منافع الهدي إلا إذا أدى الركوب إلى الإنقاص البين لقيمتها ، ودليلهم حديث أنس المتقدم المتفق عليه بين أحمد والشيخين : «اركبها ولو كانت بدنة» وحديث جابر فيما رواه أبو داود : «اركبوا الهدي المعروف حتى تجدوا ظهرا».
وفسر الحنفية الأجل المسمى في الآية بوقت تعيينها وتسميتها هديا. ولا يجوز الانتفاع بها بعد السوق إلا في حالة الاضطرار ، ودليلهم ما رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي عن جابر أنه سئل عن ركوب الهدي ، فقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا» فالجواز خاص بحالة الضرورة ، فهو مقيد والمقيد يقضي على المطلق في حديث