وقال أبو جعفر النحاس : من أحسن ما قيل في هذه الآية أن المعنى : من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا صلىاللهعليهوسلم ، وأنه يتهيأ له أن يقطع النصر الذي أوتيه ، فليطلب حيلة يصل بها إلى السماء ، ثم ليقطع النصر إن تهيأ له ، ثم لينظر هل يذهبن كيده وحيلته ما يغيظه من نصر النبي صلىاللهعليهوسلم؟. والفائدة في الكلام أنه إذا لم يتهيأ له الكيد والحيلة بأن يفعل مثل هذا ، لم يصل إلى قطع النصر.
وعلى كلا المعنيين ، إن الله ناصر دينه وكتابه ورسوله لا محالة ، فليفعل أهل الغيظ ما شاؤوا.
(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ) أي ومثل ذلك الإنزال للآية المتقدمة أنزلنا القرآن كله آيات واضحات الدلالة على معانيها ، ليتعظ بها المعتبر.
(وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ) أي ولأن الله يهدي به ويوفق الذين يعلم أنهم يؤمنون ، ومستعدون للإيمان بما أنزل ، ويريد الله هدايتهم.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآية الأولى على حسم الموقف بين النبي صلىاللهعليهوسلم وبين معاديه ، فالله تعالى لا محالة ناصر رسوله ، ومؤيد دينه وكتابه ودعوته ، ومحبط مكائد الأعادي ، وقاطع أطماعهم ، ورادّ كيدهم في نحورهم ، فلا أمل لهم بعدئذ في إحباط دعوة الإسلام ، كما قال تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف ٦١ / ٩] وقال سبحانه : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) [غافر ٤٠ / ٥١].
والله تعالى أيضا مؤيد رسوله صلىاللهعليهوسلم بوحيه ، وبما أنزله عليه من الآيات البينات الواضحات ، ليفهمها الناس ، أي القرآن ، وكذلك (أَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ) قال القرطبي : علق وجود الهداية بإرادته ، فهو الهادي لا هادي سواه.