المفردات اللغوية :
(أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ) أي أن الله ناصر رسوله في الدنيا والآخرة ، فمن كان يظن خلاف ذلك ويتوقعه من غيظه (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ) أي فليمدد حبلا إلى سقف بيته يشده فيه وفي عنقه ، ثم ليختنق به ، بأن يقطع أنفاسه من الأرض ، والمراد : فليستقص في إزالة غيظه أو جزعه ، بأن يفعل كل ما يفعله الممتلئ غضبا أو غيظا ، حتى يمد حبلا إلى سماء بيته ، فيختنق. وليس هذا دعوة إلى الانتحار ، وإنما كما يقول المثل العامي : اشرب البحر ، للدلالة على عدم الفائدة من الفعل.
(فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ) أي فليتصور في نفسه ، هل يذهبن كيده في عدم نصرة النبي صلىاللهعليهوسلم غيظه ، والمعنى : فليختنق غيظا منها ، فلا بد منها.
(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ) أي مثل إنزالنا الآية السابقة (أَنْزَلْناهُ) أي القرآن الباقي (آياتٍ بَيِّناتٍ) ظاهرات واضحات (وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ) هداه ، أي ولأن الله يهدي به أو يثبّت على الهدى من يريد هدايته أو ثباته ، أنزله كذلك مبينا.
المناسبة :
بعد بيان حال المشركين المجادلين بالباطل ، والمنافقين ، والمؤمنين ، بيّن الله تعالى حال أمرين : هما نصرته رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الدنيا والآخرة ؛ لييأس المجادلون ، وإنزاله القرآن آيات واضحات ترشد إلى الحق والصواب.
التفسير والبيان :
من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا صلىاللهعليهوسلم في الدنيا والآخرة ، فليمدد بحبل إلى سقف بيته ، ثم ليختنق به ، ثم ليتأمل ويتصور في نفسه : هل يذهب فعله الذي فعله غيظه من نصرة رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ كلا.
وسمي الاختناق قطعا ؛ لأن المختنق يقطع حياته ، وسمي فعله وهو نصب المشنقة كيدا استهزاء ؛ لأنه لم يكد به محسوده ، وإنما كاد به نفسه ، أو لأنه كالكيد ، حيث لم يقدر على غيره.