المفردات اللغوية :
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) أي وما أرسلناك يا محمد إلا للرحمة بالعالمين : الإنس والجن ؛ لأن ما بعثت به سبب لإسعادهم ، وموجب لصلاح معاشهم ومعادهم.
(قُلْ : إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) أي ما يوحى إلى في أمر الإله إلا وحدانيته ، فهو الإله الواحد ؛ لأن المقصود الأصلي من بعثته مقصور على التوحيد ، فكلمة (إِنَّما) الأولى لقصر الحكم على الشيء ، والثانية على العكس. (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) منقادون خاضعون لما يوحى إلي من وحدانية الإله. والاستفهام بمعنى الأمر ، أي أسلموا وأخلصوا العبادة لله تعالى على مقتضى الوحي.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا) أعرضوا عن ذلك. (آذَنْتُكُمْ) أعلمتكم ما أمرت به ، وكثر استعماله في الإنذار ، كما قال تعالى : (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) [البقرة ٢ / ٢٧٩].
(عَلى سَواءٍ) أي مستوين في علمه ، أي أنا وأنتم في العلم بما أعلمتكم به أو في الحرب والمعاداة. (وَإِنْ أَدْرِي) أي ما أدري. (ما تُوعَدُونَ) من العذاب أو من غلبة المسلمين عليكم أو من القيامة والحشر ، فذلك كائن لا محالة ، وإنما يعلمه الله. (إِنَّهُ يَعْلَمُ) إنه تعالى. (الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ) أي ومن الفعل ، منكم ومن غيركم من الطعن في الإسلام. (وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ) أي وما أدري لعل تأخير عذابكم استدراج لكم ، وزيادة في الامتحان والاختبار. (لَكُمْ) ليرى كيف صنعكم. (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) وتمتع إلى أجل مقدر تقتضيه مشيئته.
(رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) أي اقض بيني وبين مكذبيّ كأهل مكة بالعدل ، أي بتعجيل العذاب لهم أو النصر عليهم ، فعذبوا ببدر وأحد وحنين والأحزاب أو الخندق ، ونصره الله عليهم. (تَصِفُونَ) أي أن الله هو كثير الرحمة على خلقه ، المطلوب منه المعونة على ما تصفون من الحال بأن الشوكة تكون لهم ، وبكذبكم على الله باتخاذه ولدا ، وعلي بأني ساحر ، وعلى القرآن بأنه شعر.
المناسبة :
بعد بيان قصص الأنبياء المتقدمين عليهم ، وبعد الاعلام بأن القرآن بلاغ ومنفعة وكفاية للعابدين ، أخبر الله تعالى عن سبب بعثة النبي صلىاللهعليهوسلم وهو أنه رحمة للعالمين في الدين والدنيا ، أما في الدين فبتخليصهم من الجاهلية والضلالة ، وأما في الدنيا فبالتخليص من كثير من الذل والقتال والحروب ، والنصر والعلو ببركة دينه. وأما مجيئه بالسيف أيضا فهو لتأديب من استكبر وعاند ، ولم يتفكر ولم يتدبر ، كما أن الله رحمن رحيم ، وهو أيضا منتقم من العصاة.