يصنع الخوص ، وأخبر نبينا صلىاللهعليهوسلم عن داود عليهالسلام أنه كان يأكل من عمل يده ، وذلك أفضل الكسب. وكان آدم حراثا ، وكان نوح يصنع السفن وكان نجارا ، وكان إدريس ولقمان خياطين ، وطالوت دباغا ، أو سقّاء ، وكل ذلك يدل على أن العمل كان منهج الأنبياء والصالحين ، وطريق المؤمنين الأقوياء. والإسلام دين يحب العمل ويوجبه ، ويكره البطالة والكسل ، ويحارب العاطلين والخاملين إذا كانوا قادرين على العمل ، جاء في الحديث الصحيح الذي يرويه الشيخان والنسائي عن أبي هريرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لأن يأخذ أحدكم حبلة ، ثم يغدو إلى الجبل ، فيحتطب ، فيبيع ، فيأكل ، ويتصدق ، خير له من أن يسأل الناس». وبالصنعة يكف الإنسان نفسه عن الناس ، ويدفع بها الضرر والبأس عن نفسه. جاء في حديث آخر رواه الحكيم الترمذي والطبراني والبيهقي عن أبي هريرة ، وهو ضعيف : «إن الله يحب العبد المؤمن المحترف الضعيف المتعفف ، ويبغض السائل الملحف».
١٠ ـ كان من إكرام الله تعالى لسليمان تسخير الريح التي تجري بأمره إلى حيث شاء ، ثم تردّه إلى بلاد الشام المباركة. يروى أنها كانت تجري به وبأصحابه إلى حيث أراد ، ثم تردّه إلى الشام.
ومن إنعام الله عليه تسخير الشياطين له يعملون بصفة غواصين لاستخراج الجواهر من البحر ، كما يعملون له أعمالا أخرى غير الغوص ، من بناء المدن والقصور ، ونحت المحاريب والتماثيل ، وصناعة القدور الراسيات والجفان الواسعة والطواحين والقوارير والصابون ، وغير ذلك مما يسخّرهم فيه ، ويحفظ الله له أعمالهم من أن يفسدوها ، أو أن يهيجوا أحدا من بني آدم في زمان سليمان ، أو أن يهربوا أو يمتنعوا من أمره ، فقد كانوا رهن إشارته ، وطوع إرادته ، لا يجرأ أحد منهم على الاقتراب منه.