الحق في غيره ، فقد رجع داود إلى حكم سليمان عليهماالسلام ، وهذا ثابت أيضا في رسالة عمر إلى أبي موسى الأشعري رضياللهعنهما.
٧ ـ كان ترتيل داود عليهالسلام لكتابه الزبور وتسبيحه تتردد أصداؤه في الجبال والطيور ، وكانت هذه تتجاوب معه بالتسبيح ، وتذكر الله معه بلغة خاصة بها ، قال مقاتل : إذا ذكر داود عليهالسلام ربه ، ذكرت الجبال والطير ربها معه. وقيل : كان داود إذا وجد فترة أي راحة أمر الجبال ، فسبّحت حتى يشتاق ، ولهذا قال : (وَسَخَّرْنا) أي جعلناها بحيث تطيعه إذا أمرها بالتسبيح. وقيل : إن سيرها معه تسبيحها ، والتسبيح مأخوذ من السباحة ؛ بدليل قوله تعالى : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) [سبأ ٣٤ / ١٠]. قال الرازي : والقول الأول (أي قول مقاتل) أقرب ؛ لأنه لا ضرورة في صرف اللفظ عن ظاهره. وتسبيح الجبال والطير فيه دلالة على قدرة الله تعالى ، وعلى تنزهه عما لا يجوز.
٨ ـ كان داود أول من اتخذ الدروع وصنعها ، وتعلمها الناس منه ، وإنما كانت صفائح ، فهو أول من سردها وحلقها ، فأصبحت النعمة عليه نعمة على جميع المحاربين على الدوام أبد الدهر ، لحماية الناس وحراستهم من السلاح في أثناء القتال ، فلزمهم شكر الله تعالى على النعمة.
وذلك يقتضي الشكر ، لذا قال تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ) أي على تيسير نعمة الدروع لكم ، وأن تطيعوا رسول الله فيما أمر به. والمراد : اشكروا الله على ما يسر عليكم من هذه الصنعة.
٩ ـ هذه الآية دليل على جواز اتخاذ الصنائع والأسباب ، فالسبب سنة الله في خلقه ، وهي شهادة للعمال وأهل الحرف والصنائع بأن العمل شرف ، واتخاذ الحرفة كرامة ، وقد أخبر الله تعالى عن داود أنه كان يصنع الدروع ، وكان أيضا