الأنعام تارة وإناثها أخرى ، ونسب ذلك إلى الله : آلذكرين حرم الله عليكم أم حرم الأنثيين منهما والاستفهام للإنكار. (أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) هي الأجنة. (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أخبروني عن كيفية تحريم ذلك ، إن كنتم صادقين فيه ، فمن أين جاء التحريم؟ فإن كان من قبل الذكورة فجميع الذكور حرام ، وإن كان من قبل الأنوثة فجميع الإناث حرام ، وإن كان مما اشتملت عليه الأرحام فهي تشتمل على الصنفين : الذكر والأنثى ، فمن أين جاء التخصيص؟
(أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ) حضورا (إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا) التحريم ، فاعتمدتم ذلك ، لا ، بل أنتم كاذبون فيه (فَمَنْ أَظْلَمُ) أي لا أحد.
سبب النزول :
نزول الآية (١٤١):
(وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) : أخرج ابن جرير الطبري عن أبي العالية قال : كانوا يعطون شيئا سوى الزكاة ، ثم تسارفوا ، فنزلت هذه الآية : (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) وروي عنه أنه قال : كانوا يعطون يوم الحصاد شيئا سوى الزكاة ، ثم تباروا فيه وأسرفوا ، فقال الله : (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).
وأخرج الطبري أيضا عن ابن جريج قال : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس : جذ نخلا فقال : لا يأتين اليوم أحد إلا أطعمته ، فأطعم حتى أمسى ، وليست له ثمرة ، فقال الله : (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)(١).
المناسبة :
عرف مما سبق أن مدار القرآن الكريم على إثبات أصول الدين وهي التوحيد والنبوة ، والبعث (المعاد) والقضاء والقدر. وقد أثبتها تعالى ، وندد بمن أنكر شيئا منها ، ولما أتم المطلوب منها ، عاد إلى المقصود الأصلي وهو إقامة الدلائل على تقرير توحيد الله ، بإثبات الألوهية والربوبية له ، وإفراده بالعبادة وحق
__________________
(١) تفسير الطبري : ٨ / ٤٥