التفسير والبيان :
هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن الذي كان ميتا ، أي في الضلالة ، هالكا حائرا ، فأحياه الله ، أي أحيا قلبه بالإيمان وهداه له ، ومثل ضربه الله للكافر المنغمس في الظلمات أي الجهالات والأهواء والضلالات.
هذه مقارنة أو موازنة بين أهل الإيمان وأهل الكفر ، أفمن كان ميتا بالكفر والجهل ، فأحييناه بالإيمان ، وجعلنا له نورا يضيء له طريقه بين الناس ، وهو نور القرآن المؤيد بالحجة والبرهان؟ وهو أيضا نور الهدى والإيمان؟
كمن مثله مثل السائر في الظلمات : ظلمة الليل ، وظلمة السحاب ، وظلمة المطر ، وهو ليس بخارج منها ، أي لا يهتدي إلى منفذ ولا مخلص مما هو فيه.
وفي المقارنة بين المؤمن والكافر وردت آيات كثيرة ، منها : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى ، أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الملك ٦٧ / ٢٢]. ومنها : (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ ، وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ، هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً ، أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [هود ١١ / ٢٤] ومنها : (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ ، وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ ، وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ، وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ ، إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ ، وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) [فاطر ٣٥ / ١٩ ـ ٢٣].
وإذا كان الاهتداء إلى الإيمان والانغماس في ظلمات الكفر والضلال بسبب من الإنسان واختيار منه ، فإن الله تعالى يزيد المؤمنين توفيقا إلى الخير ، ويترك الكافرين سائرين في متاهات الكفر ، لذا ختم الله الآية بقوله : (كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي كما زين الإيمان للمؤمنين ، زين للكافرين الكفر والمعاصي ، أي حسّن لكل فريق عمله ، فحسّن الإيمان في أنظار المؤمنين ، وحسّن الكفر والجهالة والضلالة في أعين الكافرين ، كعداوة النّبي صلىاللهعليهوسلم ، وذبح القرابين