ونجّى الله رسوله نوحا والمؤمنين القائل معه.
وهكذا بيّن الله تعالى في هذه القصة أنه انتقم لأوليائه من أعدائه ، وأنجى رسوله والمؤمنين ، وأهلك أعداءهم من الكافرين ، كقوله تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) [غافر ٤٠ / ٥١].
فاحذروا أيها المخاطبون بدعوة الإسلام أن تكونوا مثلهم ، أو تسيروا على منوالهم. وسيأتي في سورة هود تفصيل أشمل لهذه القصة.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت قصة نوح عليهالسلام على أنه اهتم في دعوة قومه بثلاثة عناصر :
أحدها : أنه أمرهم بعبادة الله تعالى.
والثاني : أنه حكم أن لا إله غير الله. والمقصود من الكلام الأول : إثبات التكليف ، والمقصود من الكلام الثاني الإقرار بالتوحيد ، والثاني كالعلة للأول.
والثالث : (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) : وهو إما عذاب يوم القيامة ، أو عذاب يوم الطوفان. والمراد من الخوف : اليقين ؛ لأنه كان جازما بنزول العذاب بهم إما في الدنيا وإما في الآخرة إن لم يقبلوا ذلك الدين. وقال آخرون : بل المراد منه الظن والشك.
وظاهر هذه الآية يدل على أن الإله هو الذي يستحق العبادة ؛ لأن قوله : (اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) إثبات ونفي ، يجب أن يتواردا على مفهوم واحد حتى يستقيم الكلام ، فكان المعنى : اعبدوا الله ما لكم من معبود غيره ، حتى يتطابق النفي والإثبات.
ودلت الآية أيضا على أن الفجار والكفار يرون الأبرار والمؤمنين عادة في