وإن كان بلحاظ ما سبق منا عند الكلام في المقدمة الداخلية من امتناع اجتماع الوجوب النفسي والغيري في موضوع واحد مع وحدة الغرض الموجب لهما ، للزوم اللغوية.
أشكل : بأن ذلك لا يقتضي امتناع تقييد المقدمة الواجبة بالإيصال المنتزع من وجود ذيها ، بل امتناع استتباع التقييد المذكور وجوب ذي المقدمة غيريا بتبع وجوب المقدمة ، لأن المقدمية إنما تقتضي الداعوية التبعية والوجوب الغيري ـ لو قيل به ـ مع ـ عدم المانع ، كلزوم اللغوية ، نظير ما تقدم في المقدمة الداخلية.
ومنه يظهر وجه آخر في الجواب عن التقريبين الأولين ، لابتنائهما على لزوم وجوب ذي المقدمة غيريا بتبع وجوب المقدمة ، ولا موضوع لها بدون ذلك.
الرابع : ما ذكره بعض الأعاظم قدّس سرّه من أن الواجب لو كان هو خصوص المقدمة الموصلة فبما أن ذات المقدمة مقومة لها ، تكون مقدمة لتحققها في الخارج ، فإن التزم الخصم بوجوبها مع عدم اعتبار قيد الإيصال إلى جزئها الآخر فقد اعترف بما أنكره ، وإن اعتبر قيد الإيصال في اتصافها بالوجوب فقد لزمه التسلسل ، إذ كل ما هو مقيد بالإيصال له ذات تكون مقدمة له.
وفيه : أن ذات المقيد في ظرف وجود قيده عين المقيد ، لا مقدمة له ، كي تجب بوجوب غيري آخر مباين لوجوبه ، ويلزم التسلسل بلحاظ أن المقدمة لما كانت مقيدة بالإيصال ، فهي في كل مرتبة لها قيد وذات مقدمة له.
على أن التسلسل في مثل ذلك لما كان في الوجوبات الغيرية المترتبة فهو من التسلسل في المعلولات الذي لا وجه لبطلانه إلا الوجدان على عدم وجود جعول غير متناهية ، ولا مجال له في المقام ، لما تقدم عند الاستدلال لوجوب المقدمة من كون عدم الوجوب الغيري الثابت لها جعليا فعليا ، بل ارتكازيا تبعيا