هو الحال في سائر موارد امتثال التكاليف الوجوبية والاستحبابية.
ولو تمّ ما ذكره لزم امتناع التخيير بين الأقل والأكثر مطلقا حتى لو كان الزائد دخيلا في ترتب الملاك على تقدير وجوده ، مع أنه قد اعترف بإمكانه حينئذ ، وإنما يمتنع التخيير المذكور لو كان الأقل مستقلا بالملاك ولم يكن للزائد دخل فيه على تقدير وجوده ، ولا مجال له في المقام ، لأن المفروض ترتب بعض الملاك على الاضطراري وكون الإعادة لاستيفاء الباقي منه بالاختياري ، لا لاستيفائه بتمامه.
وقد تحصل مما تقدم : أنه لا مجال للبناء على لزوم إجزاء المأمور به الاضطراري عن الإعادة أو القضاء بعد ارتفاع التعذر على ما يطابق المأمور به الاختياري ، بل يمكن فرض عدم إجزائه عنهما ، فلا مانع من الالتزام به لو اقتضته الأدلة.
هذا كله في مقام الثبوت ، وأما مقام الإثبات ومفاد الأدلة بعد فرض إمكان كل من الإجزاء وعدمه ..
فالذي ينبغي أن يقال : المأمور به الاضطراري ـ سواء كان فردا من الماهية المأمور بها ووجدا لعنوانها ، كالصلاة من جلوس والطهارة الترابية ، أم بدلا عنها ، كما لو وجب الاستغفار على من لم يجد الكفارة ـ لما كان تشريعه معلقا على تعذر الاختياري فالمستفاد من دليله عرفا عدم وفائه بتمام الملاك ـ الذي هو مورد الغرض ـ حال التعذر ، وليس هو كسائر الأفراد أو الأبدال المشروعة في حال خاص ، فالصلاة من جلوس حال تعذر القيام ـ مثلا ـ ليست كالصلاة قصرا حال السفر ، بل هي نظير الميسور من المطلوب الذي لا يسقط بالمعسور منه ، ويجتزأ به للضرورة. ولذا لا يجوز ـ ارتكازا ـ تعجيز النفس عن المأمور به الاختياري لتحقيق موضوع الاضطراري كما يجوز السفر لتحقيق موضوع القصر. ولازم ذلك عدم الاكتفاء بها بالمأمور به الاضطراري مع عدم استيعاب