امتناع التقرب بما يكون معصية للمولى وتمردا عليه ، على ما يأتي الكلام فيه في محله إن شاء الله تعالى.
ولذا سبق اختصاص الثمرة المذكورة بما إذا التفت المكلف لجهة المبعدية المذكورة ، إذ مع الغافلة عنه لا يمتنع التقرب بالعبادة بخلاف ما لو كان مبنى الثمرة القصور الملاكي ، حيث يبطل العمل الخالي عن ملاك الأمر مطلقا ، كصلاة الحائض.
ثم إن امتناع التقرب بالضد مع النهي الغيري المبتني على مانعية الضد ومقدمية عدمه لوجود ضده المأمور به مما لا إشكال فيه ، بل تقدم في الأمر الثالث امتناعه مع فرض المانعية وإن لم نقل باستلزامها النهي الغيري.
وأما امتناعه مع النهي التبعي المبتني على محض الملازمة بين فعل الشيء وترك ضده ، الذي سبق الكلام فيه في الأمر الثاني ، فهو موكول الى نظر القائلين بثبوت هذا النهي ، وأنه هل يقتضي مبعدية المنهي عنه وامتناع التقرب به أو لا؟ ولا يتيسر لنا النظر فيه بعد ما سبق منا من المنع عن ثبوت النهي المذكور ، لعدم الموضوع.
هذا ويظهر مما عن البهائي إنكار الثمرة المذكورة بدعوى : أن الأمر بالضد وإن لم يقتض النهي عن ضده إلا أنه يستلزم عدم الأمر بضده ، فيمتنع التقرب به ، لأنه فرع الأمر به ، فيبطل لو كان عبادة ، فبطلان الضد لو كان عبادة لازم مطلقا سواء قيل باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده أم لا.
أقول : أما امتناع التقرب بالعبادة ولو مع عدم النهي ، لاستلزام فعلية الأمر بضدها عدم الأمر بها ، فإن ابتنى استلزام الأمر بضدها عدم الأمر بها على قصور الأمر عنها خطابا وملاكا ، نظير الصلاة الفاقدة للطهارة ، فلا مجال للبناء عليه ، لأن قصور الأمر المذكور إنما هو من جهة التزاحم بين الأمرين ، وهو إنما يوجب فعلية الأهم وقصور المهم خطابا لا ملاكا ، على ما تقدمت الإشارة إليه من بعض